فلسطيني يزعم أنه مناضل وينذر نفسه لتحرير بلاده، نسي القضية والنضال والمشردين والمستوطنين، والوطن المنهوب، والمعتقلين أطفالاً ونساء وشيوخاً وشباباً يقبعون في سجون إسرائيل، وتفرغ للحديث عن مسألة خاشقجي. عراقي يتمزق وطنه بين البنادق، وتحكم ميليشيات، متنوعة متعددة، وطن الفرات والشموس، وأصبح الخطف والابتزاز ثقافة يومية في المدن العراقية، والعراقي وأطفاله وجيرانه يعيشون في رعب يومي، ويستجدون الميليشيات ومنظمات الجريمة، الطعام والشراب والماء والكرامة، يترك كل هذا ويتفرغ لمسألة خاشجقي. لبناني يستولي حزب يتاجر في المخدرات والخرافات والشعارات المضللة، على وطنه، ويقسم لبنان إلى كونتونات ومربعات تتحكم فيها السيادة الإيرانية، ويمنع تشكيل حكومة، ويخضع الرئيس والنواب والوزارات لسيطرته، وتهدد بلاده بعقوبات دولية، يترك كل هذا ويتفرغ للنواح على خاشقجي. جزائري، نسى إذلال الاستعمار الفرنسي للجزائريين، على مدى قرن ونصف، مما تعدون، ومليون شهيد في أرض الزيتون وفخر التاريخ، وترك أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية تهدد الجزائر وتتقاطعها الأحزاب، وتفرغ لمسألة خاشقجي. تونسي، مهددة بلاده بالفوضى، وخلايا الإرهاب تفرخ وتتكاثر وتسيطر على جبل الشعانين، وتهدد تونس الخضراء بجولة دم جديدة وظلم وظلمات، وتتمزق اللحمة بين الأحزاب والشعارات وتجار السياسة، نسي كل هذا وتفرغ لمسألة خاشجقي. سوري يعيش لاجئاً في تركيا، ويعيش أهله على المساعدات السعودية، وحصد بشار نصف مليون قتيل ومئات الآلاف من المعتقلين والمضطهدين، وملايين المشردين، وثقافة التطهير العرقي اليومية التي تنهض بها ميلشيات إيران، وتقاسم القوى الدولية جغرافيا سوريا، نسي كل هذا وتفرغ لمسألة خاشقجي. ويمني يهدد الحوثيون بتغليف اليمن وتسليمه هدية لملالي إيران، ويوقدون النيران في المدن والمدارس والشوارع اليمنية، لم يأبه بكل هذا وتفرغ لمسألة خاشقجي. كونداليزا رايس المستشارة السابقة للرئيس بوش الابن، وتمخضت نتائج أعمالها السوء عن تدمير العراق وإهدائه لميليشيات إيران، ومحو مليون عراقي من الوجود، وزرع الفتن في العراق، نسيت كل بحار الدم التي أعدتها من أفغانستان إلى العراق والطائرات التي تختطف الناس من المدن الأوروبية والآسيوية، وتحشرهم في غونتاناموا، بلا محاكمة ولا عدالة، شاركت في الحملة من أجل خاشقجي. ليس عيباً أن يشارك المرء برأي في مسألة، ولا حجر على حرية التعبير الحقيقية غير الملوثة وغير الموظفة، لكن أن يترك أناس، وقصداً وتعمداً، مآسي وكوارث وجرائم وفظائع ترتكب ليلياً في بلادهم وتهدد أجيالهم ومستقبلهم وتاريخهم، ويتفرغون لشن حملة من شخص واحد، ولم يبذلوا في مكافحة فظائع أوطانهم عشر الطاقة التي بذلوها لمساندة خاشقجي. هنا تثار أسئلة، فحتما إما أنهم موظفون يؤجرون أفكارهم وأقلامهم وألسنتهم لمن يدفع ويتقيدون بالأوامر الوظيفية، أو إنهم حزبيون أحاديون ضلاليون، أو حاقدون على المملكة ويبحثون عن أي مشجب لمهاجمة المملكة، ويعملون في تروس مكائن الكره والضلال والفتنة. » وتر يا وطن الصباح ومد البيد، وخباري الروض، والرمث وقامات الأثل.. يا واحات النخيل والطلوح والسواحل الذهبية وشواطئ المراكب.. يا الشاهقات السمر.. وبوارح الصبا.. ورياح الشمال.. لك سطوع النجوم وأقمار العلا.. وسنين العمر.. وقبس من فيض الروح.. وأمجاد التاريخ.. ولا تبالي..