تعد مرحلة المراهقة من أصعب المراحل التي تمر على الإنسان في حياته، إذ تعبر عن وقت متقلب مضطرب ينتقل في خلاله الشخص من طور الطفولة إلى طور الرشد، وتقع هذه المرحلة في الغالب بين سن العاشرة إلى سن الواحد والعشرين، والمراهقة في اللغة تأتي من الجذر اللغوي رهق والذي يعني الاقتراب من شيء ما، وهي هنا تعني اقتراب الإنسان من أن يصبح ناضجا، فهي طريق للنضج وليست النضج ذاته. للأسرة دور مركزي في الأخذ بيد طفلها أو صغيرها نحو عبور تلك المرحلة في سلام وأمان، ولها دورها السلبي كذلك في تفاقم وضعه ووصوله إلى درجات غير مناسبة من الانحراف السلوكي، لذا على الأب والأم أن يكونا لديهما المسؤولية الكافية وأن يتسلحا بالصبر والمعرفة اللازمة بتفاصيل تلك الفترة، كي يستطيعا معا المحافظة على صغيريهما ومساعدته ليس في تجاوز هذه الفترة فحسب وإنما في ترسيخ القيم فيه وإيصاله إلى نضج حقيقي له منتظر. الشباب في تلك الفترة يتولد لديهم كثير من المشاعر المتناقضة، لكن جميعهم يشتركون في شعور الإحساس بالذات ومحاولة لفت الانتباه، لذا لا يجب مساعدتهم في تضخيم ذواتهم عن القدر المسموح به، وإنما ضعوهم لدى الثقة في النفس التي يحتاجونها ثم بعد ذلك راقبوهم وأعيدوهم للطريق دائما إن حادوا. من ضمن المهام المنوط بالأسرة القيام بها في تلك الفترة هي مسألة الاحتواء، فالشباب تتولد فيهم بعض مشاعر الإحراج ربما أو الحاجة لناصح، وعدم ملء هذا الفراغ من قبل الأهل قد يتولد عنه سلوك أبنائهم طرقا جانبية غير مرغوبة، لذلك فإن مداومة الأم والأب السؤال عن أبنائهم وبناء جسور من الصراحة والصداقة معهم هو سبيل مميز للاحتواء يتحقق كاملا بالرفق بهم وتقوية إصرهم ومساندتهم نفسيا على طول الوقت. المراهقة ليست مساحة مرعبة أو صعبة علينا أو على أبنائنا إن نحن تزودنا لها بما يكفي من المعرفة والإحاطة التامة بمجرياتها، لذا لا تتأخر عن القراءة عنها والتعرف على أساليب التربية الصحيحة الواجب اتباعها، فإن ذلك سيساعدك حتما على تحويلها إلى مساحة تأسيسية ذات أثر ممتد في نفوس أبنائك. علينا أن نعي جيدا أننا جميعنا أهل خطأ، ومرحلة المراهقة هي من أكثر المراحل التي يمكن للإنسان أن يخطئ فيها، كونها محل تجريب أولي لطفل ما زال على عتبات الكبار، لذا القسوة المباشرة على الشخص في هذا السن قد تؤدي إلى نتائج عكسية، اجعلوا القسوة دائما خيارا أخيرا تلجؤون إليه حين لا تجدون للود تأثيرا أو فاعلية، وكونوا دائما على التوازن المطلوب، والذي يجمع في ثناياه بين الترهيب اللفظي والترغيب، ترهيب لفظي يفي بعدم تكرار الأخطاء على النحو الفج وترغيب ودي محبب يحث ابنك أو ابنتك على المبادئ والقيم والالتزام بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.