"سعيد" موظف سعودي في إحدى أكبر شركات النفط عالمياً، و"كارلوس" موظف غير سعودي بنفس المسمى الوظيفي، وفي نفس الشركة، وبنفس سنوات الخبرة والمؤهلات، الشركة حددت راتب "سعيد" 7 آلاف ريال شهرياً، وراتب "كارلوس" 20 ألف ريال شهرياً، جميعهم يعملون في نفس المهام ومسؤولياتهم واحدة، لا يختلف الأول عن الثاني إلا في لون جواز السفر، "كارلوس" يحصل على مميزات عديدة وبدلات لا يحصل عليها "سعيد"، ولكن مشكلة "سعيد" أنه ليس بمغترب حتى يتم معاملته مثل "كارلوس". ما ذكرته أعلاه هو واقع للأسف ليس فقط في إحدى أكبر شركات النفط عالمياً، ولكن في معظم الشركات الكبيرة والعملاقة في المملكة، فتلك الشركات اعتمدت للأسف على "جنسية" الموظف ولم تعتمد على أي أساس صحيح في ممارسات الموارد البشرية لتحديد سلم الأجور، وأصبحت تلك الشركات تُعرف "بعنصريتها" في تحديد الأجور والمميزات بالرغم من أن منظمة العمل الدولية تحظر على جميع الدول التي صادقت على إتفاقيات معها بأن يكون هناك أي "تمييز" وفقاً للجنس أو الجنسية. هناك غياب للإنصاف بين أجور ومميزات الموظفين وفقاً للجنسية في العالم العربي، ففي استبيان سابق بخصوص هذا الموضوع كانت نتيجته أن 66.4% من المشاركين فيه أكدوا أن شركاتهم لديها سياسات أجور تعتمد على جنسية الموظفين، و21.3% من المشاركين نفوا وجود أي تمييز في الجنسيات في شركاتهم عند تحديد الأجور، و12.3% من المشاركين ليس لديهم العلم بهذا الشأن. ومن نتائج الاستبيان حول نوعية المزايا الخاصة التي يتلقاها الأجانب العاملين في نفس الشركات، أكد 21.6% من المشاركين في الاستبيان أن المزايا التي يتلقاها المهنيون الأجانب في الشركات تتركز في الرواتب الأعلى، و4.7% في بدلات السكن الخاصة، و3.7% في تعليم الأطفال، و10.3% في التدريب والتطوير، و0.3% في عضويات الأندية، و7.5% في تذاكر السفر، و51.8% ذكروا جميع ما سبق. تحديد الأجور في القطاع الخاص يعتمد على سياسة العرض والطلب، والشركات الحريصة على موظفيها تعمل دائماً على تحديث سلم الأجور الخاص فيها وفقاً للمتغيرات العديدة التي تطرأ على سوق العمل، ووفقاً لأفضل الممارسات العالمية فقد تم تحديد ذلك كل 3 سنوات، وما تقوم به بعض الشركات في "تمييزها العنصري" في تحديد الأجور وفقاً للجنسية فهو مخالفة صريحة ويجب عدم السكوت عنها، فهذا التمييز له آثار سلبية على استقرار الموظفين وعلى تطويرهم وأيضاً على توظيف كفاءات محلية في نفس الشركات. المؤسف في سوق العمل السعودي أن يتم النظر إلى شركة واحدة على أنها هي الوحيدة التي تطبق أفضل الممارسات في سوق العمل، ويتجه أصحاب الشركات الأخرى إلى تطبيق نفس سياسات تلك الشركة في خطوة سلبية وغير منصفة. ولذلك، أتمنى من وزارة العمل أن تحرص على منع تطبيق ذلك؛ لما فيه من أضرار عديدة على سوق العمل السعودي، وإذا كان رد تلك الشركات بأنها تستقطب "خبراء أجانب" فهذا تضليل منها حول الموضوع؛ لأن عقد العمل يختلف اختلافاً كلياً عن العقد الجزئي "للخبراء أو المستشارين".