مستشار الأمن القومي الامريكي جون بولتون شن هجوما عنيفا على محكمة الجنايات الدولية وقال: انها تهدد بشكل غير مقبول السيادة الأمريكية ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، وذلك إثر تداول معلومات تفيد بأنها قد تحقق في ممارسات العسكريين الأمريكيين في أفغانستان منذ غزوها عام 2003. المعروف ان بولتون ظل يعارض المحكمة منذ تأسيسها، وفي إشارة إلى ذلك، لفتت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير كتبه الخبيران، تيرينس تشابمان وستيفن تشودوين، إلى أن بولتون عندما كان سفيرا لادارة جورج بوش لدى الأممالمتحدة من 2005 إلى 2006 كرر خلال خطاب ألقاه الاثنين الماضي في مأدبة غداء الفدراليين بفندق ماي فلاور في واشنطن نفس موقفه السابق، واصفا المحكمة الجنائية الدولية بمحاولة غير مسبوقة لتولي السلطة كهيئة فوق وطنية، دون موافقة من الدول أو الأفراد الذين تريد فرض احكامها عليهم. والمحكمة الدولية هي مكلفة بالنظر في جرائم الحرب وضد الإنسانية واصدار حكمها بحق من يرتكبهما، وتضم في عضويتها 123 دولة، وبما انها تعمل خارج نظام الأممالمتحدة فتحتاج لموافقة مجلس الامن إذا أرادت التحقيق في أوضاع تتعلق بدول لم تنضم لعضويتها، وبالنسبة لقول بولتن: انها تهدد سيادة الولاياتالمتحدة. وهناك حالات تحددها مبادئها القانونية، وبما ان الولاياتالمتحدة لم تصادق على نظام روما الاساسي فان المحكمة ينحصر اختصاصها في الممارسات الأمريكية التي ترتكب في دول أعضاء في المحكمة كافغانستان مثلا، فيما تحتاج لموافقة مجلس الأمن لاجراء أي تحقيق آخر لا تكون له علاقة بدولة عضو فيها وفي هذه الحالة تستطيع الولاياتالمتحدة استخدام حق النقض فلا تستطيع المحكمة التحقيق في ما ترتكبه من مخالفات جنائية. ويقول بولتون: إن المحكمة الجنائية الدولية لديها سلطة لمقاضاة جرائم الإبادة الجماعية والحرب وضد الإنسانية والعدوان، وانها تدعي «الولاية القضائية التلقائية» ما يعني أنها تستطيع محاكمة الأفراد حتى لو لم تعترف حكوماتهم بالمعاهدة أو توقعها أو تصادق عليها. ولكنه مخطئ في ذلك فهي لا تستطيع محاكمة غير اعضائها على جريمة العدوان، فإذا كشف التحقيق عن أدلة كافية للمضي قدما في الاتهام فتلك التهم قد تتحول الى «جرائم حرب» أو «ضد الإنسانية». والولاياتالمتحدة لديها العديد من الطرق للتاثير على محكمة الجنايات والمؤسسات الدولية بدل المهاجمة والتهديد. فالدول القوية تستطيع تعزيز مصالحها الخاصة من خلال العمل داخل المؤسسات الدولية. وإذا رأت الولاياتالمتحدة ان تتعاون مع المحكمة فسيكون لديها المزيد من النفوذ لمعارضة التحقيقات التي لا ترغب فيها.