كل عام وأنتم بخير، حفظكم الله لحاضر بهي، ومستقبل أبهى بإذن الله، وجعلنا أكثر تحابًا، وأقوى عقلًا. وبمناسبة العقل أحب أن أجيب اليوم عن سؤال الشاب عبدالرحمن ف. من جامعة الملك فهد: «هل فعلًا ستكون الآلات الذكية وبالذات الحواسيب العليا في المستقبل لها الحكم المطلق على الإنسانية؟» السؤال بالإنجليزية، وسمحت لنفسي، بعد إذنكم، بتعريب السوبر كمبيوترز إلى «الحواسيب العليا» كما بدا بسؤال الابن عبدالرحمن.. وأقول لعبدالرحمن ولكل الشباب المؤمنين بهيمنة التكنولوجيا، إن هذا من أكبر الأوهام التي نعيشها ونصدقها في عصرنا. وبالذات للأجيال الطالعة التي وجدت أن التقنية الإلكترونية وكأنها أمر من طبائع الأحوال، ولذا من السهل زرع فكرة هيمنة الحواسيب العليا والرجال الآليين الذين سيكتبون السطر الأخير في نهاية الإنسانية. وهذه سوق رائجة خصوصا بين كتاب مشهورين بين العلماء وكتاب الخيال العلمي. وحتى كتاب متخصصون بالمجلات العلمية الراقية مثل مجلة «ساينس» الرصينة. لا حبيبي. الله أعطاك العقل العظيم، أعظم آلة كونية. لذا تفوق الإنسان على باقي المخلوقات واجترح الصعاب وروض المستحيلات مع أنه أقل قاطني الأرض قوة بدنية وحسية، والخالق سبحانه لم يترك الإنسان أعزل، فوهبه العقل فسخر قوى الطبيعة وطور المعاش والحياة. الحواسيب العليا هي مجرد أحد منتجات العقل العظيم لا أقل ولا أكثر. وسميته عظيمًا لأفرقه عن صفة «العليا» التي هي مجرد صفة ارتقائية صناعية، ويبقى العقل البشري معجزة المعجزات. الحواسيب العليا والآليون هم من صنع العقل البشري، وأرفع البرامج الإلكترونية ما هي إلا معادلات وحسابات وشفرات اخترعها عقل الإنسان وسيستمر بذلك. الحواسيب العليا جبارة في الحسابات الصماء التي اخترعها الإنسان لتسريع العمليات الحسابية ملايين المرات لغرض يبحث فيه العقل البشري. ولابد أن نفهم فهمًا منطقيًا قاطعًا أنه لا يمكن للحواسيب العليا أن تفكر من تلقاء ذاتها؛ لأن لا عقل لها ولا مشاعر تملكها. المشاعر والعقل من الخصوصية الإنسانية. 1. ويا عبدالرحمن العقل البشري صنع الطائرة التي تحلق بعلو 35 ألف قدم، فهل الطائرة مبسوطة على الطيران وروعته؟ ثم من ببطنها غير البشر وبضائع البشر، فهل يمكن أن نقول إن الطائرة أفضل منا لأنها قادرة على الطيران، ونحن كالبطاريق لا نطير؟ 2. وكذلك حالنا مع الحواسيب العليا.