تظل مدينة الجبيل ذات قيمة إستراتيجية كبيرة في خدمة الاقتصاد الوطني، من واقع دورها الحضاري والتنموي الحيوي على مر الزمن، ولذلك فهي قابلة لأي حراك استثماري في كثير من المجالات، خاصة الصناعية، حيث توجد فيها الهيئة الملكية التي يمكن أن تتوسع بمشاريعها بلا حدود من خلال توظيف الإنسان والمكان والبيئة الاستثمارية ذات الجدوى الاقتصادية العالية، فموقعها المهم على الخليج وقربها من الأسواق الآسيوية يجعلها أكثر انفتاحًا على التطور والنمو. في إطار جهود الهيئة الملكية لتطوير الأنشطة الاقتصادية بالمدينة لفت انتباهي مؤخرًا توقيع أربعة عقود مع رؤساء وممثلي شركات محلية وأجنبية لتنفيذ مشاريع بمدينتي الجبيل ورأس الخير الصناعيتين، تتضمن تطوير البنية الأساسية بالمنطقة المساندة الخاصة بمنطقة صناعة السيارات، وهنا مربط الفرس لأن صناعة السيارات من الصناعات الضخمة التي يمكن أن نتقدم فيها بقوة دفع من إرادة وطنية ترتكز على برنامج التحول الوطني، وتوطين مثل هذه الصناعات ونقل تقنياتها، ورفع معدلات الابتكار لأبنائنا في الجامعات المتخصصة في التقنيات. تجربة صناعة السيارات ينبغي أن تتوسع وأن تجد كل الدعم الذي يجعلها صناعة قابلة لأن تنافس عالميًا، بدءًا من تصنيع قطع الغيار وانتهاء بالهياكل والسيارات الكاملة لمختلف الموديلات التي تنتجها الشركات العالمية حتى نجد فرصة لتصنيع محلي كامل يضطلع به أبناؤنا الذين يملكون المواهب والقدرات التقنية لإدارة مثل هذا النشاط، وهو ليس صعبًا أو مستحيلًا، إذ من خلال البدء بالتجميع نتقدم خطوة أولى في تمليك أبناء الوطن الأفق الابتكاري والإنتاجي والتصنيعي لمختلف أنواع السيارات. صناعة السيارات ذات وضع تنافسي عالمي مهم، وفي حال التوسع الاستثماري فيها فإننا نبني مرحلة مستقبلية تضع الأجيال أمام منظومة صناعية ضخمة يمكن مواكبتها بسهولة في حال تم التوطين واستثمار القدرات الإبداعية لشبابنا الذين يعملون حاليًا في مسائل تتعلق بتطوير قدرات السيارات من منظور ميكانيكي يحتاج إلى بلورته في أطر هندسية وميكانيكية علمية أكثر دقة من خلال مصانع وورش ومعامل تستوعب تلك الطاقات والقدرات وتتجه بها قدمًا نحو صناعة رائدة ومتقدمة تتوفر لها البنيات التحتية، والقرب من البيئة العلمية والهندسية المثالية كما في منطقة صناعة السيارات بالجبيل التي يمكن تأهيلها أكثر بمزيد من مراكز التدريب التقني والمهني الذي يتعامل مباشرة مع موجوداتها لتأهيل شبابنا والنهوض بهذه الصناعة.