الحوادث التي تحدث للطلاب والطالبات في المدارس يمكن تفاديها بالمجمل، ولكن التساهل في احتياطات السلامة قد يسهّل وقوع الكثير منها، وأنا هنا لا أقصد الحوادث الكارثية مثل الحرائق أو انهيار المباني التي هي نادرة الحدوث؛ بسبب لطف المولى «»عز وجل»، ولكني أقصد الحوادث التي تقع بشكل متكرر، فعلى سبيل المثال الإصابات المتعددة التي قد تحدث للطلاب؛ بسبب الجري داخل مبنى المدرسة الذي تكون فيه المساحة غير مهيَّأة للجري في ممراته، ولكن لو أن إدارة المدرسة فرضت قاعدة عامة على جميع الطلاب بأن الجري داخل مبنى المدرسة ممنوع منعًا باتًا، وأن مخالفة هذه القاعدة تستدعي المعاقبة، ربما اختفت الحوادث الناجمة عن الجري، هذه القاعدة وغيرها يمكن لإدارة المدرسة توضيحها للطلاب الجدد في وقت التهيئة في بداية العام الدراسي، وتكرارها وربما الزيادة عليها في بداية كل عام، ويكون الدافع من سَن هذه القواعد هو «سلامة الطالب»، وليس تهذيب الطالب، لأن هناك فرقًا واسعًا بين دافع السلامة ودافع التهذيب، وفي رأيي الأولوية تكون للسلامة؛ لأنك حين تستشعر ما قد يحدث حينما يجتمع هذا الكم الكثير من الأطفال أو المراهقين تحت سقف واحد تدرك أن كل يوم يمر بسلام هو بلطف القدير، لذلك ومن أجل سلامة الطلاب يفترض أن يكون هناك توضيح لجميع القوانين التي يجب أن تُتبع من قِبَل الطلاب داخل المدرسة خلال الأسبوع الأول من الدراسة، ويجب احترامها من قِبَل الجميع، وعدم التنازل عنها، ولكن بدافع المحافظة على سلامة الطلاب، وليس التهذيب. مهما فرضت إدارة المدرسة من القواعد والأنظمة على الطالب ليتبعها من أجل سلامته فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق إدارة المدرسة في عدم التهاون في إجراءات السلامة، فعلى سبيل المثال وضع خطة لإجلاء الطلاب من المدرسة في حال وجود حريق أو أي طارئ يستدعي إجلاء الطلاب وتدريب الطلاب والهيئة التدريسية والإداريين عليها، ومن أهم عناصر خطة الإجلاء وجود مخارج للطوارئ، إلا أن بعض إدارات المدارس قد ترى أن هذه المخارج يمكن أن تستغل من قبل بعض الطلاب للهروب من المدرسة؛ مما قد يسبب مشكلة أكبر، وهذا رأي صحيح، فتقوم بعض المدارس - مضطرة - بإحكام إغلاق هذه المخارج لكي لا يهرب الطلاب من البيئة الجاذبة والرائعة داخل المدرسة، ولكن بالمجمل وكقاعدة عامة أرى أنه يجب تقديم سلامة الطلاب على أي أولوية قد تراها إدارة المدرسة، كما أن وجود معدات السلامة في الأماكن المناسبة، مثل طفايات الحريق، ووجود شخص مدرّب على الإسعافات الأولية أيضًا من الأمور التي لا يجب إغفالها، ومع ذلك أهم عنصر في سلامة الطلاب والطالبات هو المراقبة المستمرة، أقول هذا وأنا كلي يقين بأن المعلمين والإداريين في المدارس يبذلون ما بوسعهم للقيام بواجبهم. وأختم بالقول إن هناك طابورًا في المدارس لم يطرأ عليه أي تطوير منذ زمن بعيد، وهو الطابور الصباحي، الذي لا تزال نسبة التسرب منه كثيرة جدًا، وإن لم يحصل التسرب فهو لا يزال مُملًّا، وما يقال فيه نصفه غير مفهوم؛ بسبب صدى صوت المكبر الذي يأتي من كل مكان في فناء المدرسة، ويُستثنى من هذا الكلام الطلاب والطالبات النجباء ممن يشاركون في الإذاعة المدرسية بشكل منتظم كل صباح، ولا يزيد عددهم على عدد أصابع اليد الواحدة، ومن المفترض أن نجد لهذا الطابور حلًا.