فيما كان الرئيس المصري محمد مرسي، يجوب استاد القاهرة، الليلة قبل الماضية بعربة مكشوفة، ربما لم تكن الصدفة وحدها، تجعل من ذات العربة، تلك التي كان يستقلها الرئيس الراحل أنور السادات.. أداة الرئيس المنتخب لتحية الجماهير التي احتشدت في المدرجات، يقولون إنها خصصت لآلاف الجنود من الجيش والشرطة، فيما بدت أعلام «الإخوان» الخضراء ترفرف لأول مرة في مناسبة رسمية، وبجانبها على استحياء أعلام سوداء وأخرى صفراء مع رايات تحمل العلم السوري. نفس اليوم قبل 31 عاماً، ونفس المناسبة، التي لقي فيها السادات حتفه، على أيدي متطرفي الجماعة الإسلامية الذين اصطادوه يوم عرسه، ليصبح «الدم» الذي سال قبلها بثماني سنوات عربوناً لتحرير سيناء، عنواناً مؤسفاً لنهاية درامية لمن أطلق على نفسه يوماً «بطل الحرب والسلام»، ليس هذا فقط، بل إيذاناً بمرحلة ربما يحكم التاريخ عليها لاحقاً عقب ثلاثين عاماً من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، بعد أن حكم عليه شعبه و»خلعه». حادثة المنصة السادات الذي اتهم بأنه أطلق «الإسلاميين» من القمقم، ليضرب بهم خصومه الناصريين، وقع مضرجاً في يوم «عرسه» بنيرانهم فيما عرف يومها بحادث المنصة أثناء عرض عسكري، حرص الرئيس السابق حسني مبارك على إلغائه ربما تشاؤماً واقتصر على مجرد حفل عادي للغاية. نفس اليوم قبل 31 عاماً، ونفس المناسبة، التي لقي فيها السادات حتفه، على أيدي متطرفي الجماعة الإسلامية الذين اصطادوه يوم عرسه، ليصبح «الدم» الذي سال قبلها بثماني سنوات عربوناً لتحرير سيناء ، عنواناً مؤسفاً لنهاية درامية لمن أطلق على نفسه يوماً «بطل الحرب والسلام»، . مفارقات مثيرة {وتلك الأيام نداولها بين الناس}.. كانت تلك الآية الكريمة التي رددها كثيرون وهم يتأملون المفارقة المثيرة.. بأكثر من قلب، وأكثر من عين. الحفل هذه المرة، كان في ملعب كرة القدم، الذي حمل اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لسنوات، قبل أن يتغير أيام السادات ليصبح استاد القاهرة الدولي، والأكثر إثارة، أن المناسبة اجتمع فيها رئيسان مصريّان على قيد الحياة لأول مرة.. أحدهما جاءت به الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أربعة أشهر، وخرج من سجن مزرعة طرة الشهير الذي حكم عليه في عهد مبارك خلال ثورة 25 يناير، ليصل إلى كرسي الحكم بعدها، فيما الآخر، للمصادفة رهين ذات السجن، بعد محاكمة أدانته وحكمت عليه بالمؤبد.. قبل أيام فقط من تنصيب الرئيس الجديد. الصدفة الغريب أن «الصدفة» تكاد تكون أكبر ما يجمع مبارك بمرسي، كلاهما جاء للرئاسة دون أن تخطر على باله، الأول بعدما قُتل السادات فجأة والثاني بعدما استبعد القضاء مرشح جماعة الإخوان الأساسي ، خيرت الشاطر، ليأتي مرسي بديلاً عنه، ويخطف مقعد الرئاسة من الغريم التقليدي الفريق أحمد شفيق في جولة الإعادة. قاتل في المنصة والمثير أن نفس الذكرى، تحتفي برئيس هو الآن «تحت الأرض» بينما بعض قاتليه، أو مؤيديهم على الأقل، كانوا في المنصة يشاركون في الحفل.. في مقدمتهم القيادى الجهادى طارق الزمر، ابن عم عبود الزمر المخطط الأول لقتل السادات. غياب أم تغييب؟ بدا ملحوظاً كم الغياب الكبير لمرشحي الرئاسة السابقين، ومنافسي الرئيس في أعنف حملة انتخابية، رموز كثيرة لم تظهر، فهل تم تغيبها عمداً، ولم يرد لها الحضور، أم أنها اعتذرت؟ محمد البرادعي، وعمرو موسى وحمدين صباحي وخالد علي.. وغيرهم. ليس هذا فقط، بل بدا مثيرا للتساؤل أيضاً.. غياب وزير الدفاع السابق، المشير حسين طنطاوي، ورئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان، اللذين غابا عن المشهد تماماً، بعد عزلهما بقرار رئاسي في 12 أغسطس الماضي، في خطوة اعتبرها كثيرون أقرب لمذبحة القلعة، التي تخلص فيها باني مصر الحديثة محمد علي باشا من المماليك قبل ثلاثة قرون. وحسب صحيفة اليوم السابع، فلأول مرة منذ حرب أكتوبر 1973 التى شارك فيها المشير طنطاوى كضابط مقاتل، تغيب مع رئيس أركانه السابق الفريق سامى عنان عن الاحتفال بالذكرى 39 للنصر، إذ لم يظهرا فى مختلف الاحتفالات الخاصة بالقوات المسلحة والكلام لنفس الصحيفة سواء التى تمت فى مرسى النهر الخالد بكورنيش النيل منطقة المعادى، أو الاحتفالية الكبرى التى تمت إقامتها برعاية وزارة الشباب فى مقر استاد القاهرة الدولى. وفق الصحيفة أيضاً، فإن «السؤال المثير هنا، هل لم توجه الدعوة إلى المشير طنطاوى والفريق عنان لحضور احتفالات القوات المسلحة؟ أم أن الدعوة تم توجيهها إلا أن قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابقين لم يلبوا الدعوة، بعد سيل البلاغات المقدمة للنيابة العامة، والنيابة العسكرية، تتهمهما بالفساد المالى خلال فترة خدمتهما بالقوات المسلحة، وأخرى تتهمهم بقتل المتظاهرين بعد الثورة وأخرى تتهمهم اليوم بالمسؤولية عن أحداث رفح». مرت أول ذكرى لحرب اكتوبر في مرحلة ما بعد ثورة يناير، وبقيت الأسئلة الصعبة هي ذاتها، تبخر الكلام وذابت الحماسة ليبقى الشارع المصري في انتظار انتصار داخلي، نعتقد أن 1000 يوم لا تكفي لتحقيقه.