أكد نائب مفتي جمهورية الشيشان توركو داودوف أن المملكة أخذت على عاتقها الأمانة التي أوكلها الله لها وفضلها على سائر بلاد العالم بأنها تتشرف بخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتؤدي هذه الامانة بدقة عالية على كل الأصعدة من تطوير وخدمة وتسهيلات للمشاعر المقدسة وللمقدسات الإسلامية ومن حيث التعامل والتعاون مع الدول الإسلامية في تنظيم بعثات الحج والاهتمام بضيوف الرحمن وتوفير كافة الخدمات. وأوضح في حديثه ل «اليوم» رحلة الحاج الروسي قديما وحديثا، مبينا جهود المملكة في تعزيز أمن الحاج منذ إصدار التصريح وحتى عودته إلى وطنه سالما غانما، مؤكدا على خطورة الإرهاب واستهداف الإسلام والمملكة.. فإلى نص الحوار: - في البداية صف لنا شعوركم بتواجدكم على أرض الحرمين لأداء فريضة الحج ان المملكة لها فضل على سائر بلاد العالم بأنها تتشرف بتواجد الحرمين الشريفين فيها وفضل الله أهل هذه البلاد بخدمة حجاج بيت الله الحرام وميزهم عن غيرهم، وفي نفس الوقت أخذت المملكة على عاتقها تلك الأمانة وأولتها كل الاهتمام البالغ، وجهود المملكة واضحة وملموسة وتسعى دائما في تقديم كل الفرص والإمكانات المتاحة لتيسير وتسهيل الحج على المسلمين ليؤدي المسلمون الحج بكل أريحية ليس في داخل البلاد فقط بل حتى في الخارج من إجراءات الدخول وتسهيل المعاملات، كما أن سفارات المملكة في الخارج تقوم بعمل يشكرون عليه في تسهيل الحصول على الفيزا، ويقدمون الخدمة بكل سعادة لدرجة أنك تشعر أن المملكة كلها بانتظارك، ولأول مرة تطبق في روسيا بالنسبة لموسم الحج وهي الحصول على الفيزا الالكترونية لتكون سابع دولة في العالم شملها هذا النظام، لتسهل على موظفي السفارة تقديم الخدمة للحجاج. - كم مرة أتيتم هنا كحجاج وماهي الفروقات التي تلمستموها؟ أنا أحج للمرة الثانية وهناك الكثير من التطور على الخدمات والمرافق العامة بالإضافة إلى إجراءات الأمن والسلامة في الإقامة والتنقل بين المشاعر، وأنا أحج هذه المرة باستضافة من برنامج ضيوف خادم الحرمين وبتكليف من رئيس الشيشان لتحجيج أئمة مساجد ومشايخ من كافة مناطق روسيا يبلغ عددهم 28 شخصا منهم 4 أشخاص من الشيشان. - كيف وجدتم برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين؟ إن برنامج استضافة خادم الحرمين الشريفين يعطي للمسلمين مدى اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالمسلمين بكل العالم بتوفير الحج لمن لا يستطيع ان يحج، ويضاعف شعور المسلم بمدى تأثير الدين الاسلامي على إحساس الاخوة ويعزز انتماءه لهذا الدين خاصة في بلدان بها الاقليات الاسلامية في وضع اضطهاد وما إلى ذلك، كما أن اختيار ضيوف خادم الحرمين الشريفين يتم عبر كثير من العوامل وفي روسيا يتم تحديد المنح عبر سفارة المملكة في موسكو، وتقدم المنح للمراكز الاسلامية الكبيرة في كل مساحة روسيا التي تمتد لأكثر من 17 مليون كم مربع، والعجيب لهذا البرنامج أنه جمع بين مشايخ روسيا وهذا دليل لشموليته كل المراكز الاسلامية في جميع بقاع روسيا ليستضيف 28 شخصا من روسيا، وللشيشان 4 مقاعد وسماحة المفتي يختار الاولوية مثل من لم يحج في السابق، أو لم يستطع الحج لسبب مادي، وتكون الاولوية لمن يخدم دينه وأرضه وأيضا لمن يستطيع أن ينقل روحانية الحج وأن يكون سفيرا لجهود المملكة وينقل الصورة الحقيقية لما قامت به المملكة خدمة للإسلام والمسلمين. - حدثنا عن المفارقات في رحلة الحج في الماضي وفي الحاضر لحجاج روسيا أجدادنا في السابق كانت تستمر رحلة حجهم لسنة كاملة ذهابا وسنة أخرى إيابا، مستودعين انفسهم لا يعرفون أنهم سيعودون أو لا لأنها كانت رحلة محفوفة بالمخاطر، سواء بطريق القافلات التي كانت تتعرض للوحوش والسباع أو لقطاع الطرق مثل النهب أو السرقة وتصل إلى القتل في بعض الاحيان، أو قد يموت في ظل انتشار الأوبئة والامراض التي تأتي مع توافد الحجاج، قد تصل احيانا إلى أن تفتك بأكثر من نصف الحجاج، أما الآن في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين منذ تأسيسها كانت تهتم بتقديم الخدمات لضيوف الرحمن والتميز في كل المشاعر والسكن، ليس هذا فحسب فالشخص الان القادم للحج أو العمرة في المملكة لايستطيع ان يراعي الوقت فيها لأنه سيضيع في جمال وروحانية رحلته للعبادة إلى الله فهو يتفرغ للعبادة فقط وسط أمن وصحة وبيئة مناسبة لممارسة العبادة، فالوقت لا يهتم به الحاج لأنه في لذة عبادته ملتهٍ وكله في سبيل العبادة. أما نجاح الحج فهذا امتداد لتلك الجهود بعد أن أوضحت لكم المفارقات التاريخية في الحج سابقا وحاضرا، وهذه نتائج عدم استخدام المملكة للحج لتوجيه سياسة معينة، فالمملكة ترفض تسييس الحج، ودائما هي مستقبلة لكل المسلمين بكل طوائفهم وتوجهاتهم، كما أن لقب خادم الحرمين الشريفين ليس لقبا سياسيا هو لقب اختيار رب العالمين لملك المملكة العربية السعودية لخدمة المسلمين، وجلالة الملك يؤدي هذه الامانة بدقة عالية على كل الأصعدة من تطوير وخدمة وتسهيلات للمشاعر المقدسة وللمقدسات الاسلامية ومن حيث التعامل والتعاون مع الدول الاسلامية في تنظيم بعثات الحج والاهتمام بضيوف الرحمن وتوفير الأمن والغذاء والبيئة الصحية. - كيف ينظر المسلمون في روسيا والأقاليم الروسية إلى المملكة؟ الزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والمسؤولون داخل المملكة ترفع من شأن المسلمين داخل المجتمع الروسي، وتعمل على اتاحة التواصل الخارجي مع مسلمي روسيا، وايجاد صور في التواصل مع روسيا والعالم الاسلامي، مبينا أن الاسلام في روسيا هو الديانة الثانية من حيث عدد المعتنقين من بين 176 قومية لأن الديانة المتصدرة هي المسيحية الارثوذكسية، والباقي البوذية واليهودية، كما أن المملكة في قلوب المسلمين يشعرون بانتمائهم الديني لهذا البلد، وأظهرت المملكة مدى اهتمامها بشؤون المسلمين في كل العالم، ومسلمو روسيا يهتمون بالمملكة وما قدمته من جهود ويدعون بالخير دائما لها. - حدثنا عن زيارة ولي العهد لروسيا وتفعيل العديد من البرامج وخاصة رؤية المملكة 2030 الجميع شعر بتلك السعادة في رؤية ولي العهد بنقل المملكة وسياسة المملكة الداخلية والخارجية ونحن مهتمون في زيارة ولي العهد وتفعيل التعاون المشترك ضمن رؤية المملكة 2030، وهناك لجنة مشتركة بين المملكة وروسيا لتطوير التعاون الاقتصادي وسيكون للشيشان جزء من ذلك المجلس لتفعيل الدور بين البلدين، والشيشان الان تعتبر من أكثر المناطق أمانا في روسيا بعد القضاء على الارهاب، والان هي بصدد التطوير وجذب الاستثمارات الخارجية، وكان هناك تعاون مع حكومة الامارات في بناء مشاريع فندقية واستقطاب العديد من السياح العرب والخليج، كما أن مسلمي روسيا ينظرون للشاب الامير محمد بن سلمان كقدوة للمسلمين في كل مكان لأنه يجمع في شخصيته خبرة الكبار وعزم الشباب، وبما أن الشيشان تشكل نحو 18% من عدد مسلمي روسيا فعلينا كواجب ديني ان نلعب دورا مهما في تنسيق العلاقات بين المملكة وروسيا. - حدثنا عن الجماعات المتطرفة الاسلامية ومعاناة العالم الاسلامي منها، وأين هي في الشيشان؟ مرت الشيشان بتجربتين دمويتين من تواجد الجماعات المتطرفة فيها، والشيشان من الدول القليلة التي استطاعت التغلب على الارهاب الدولي والمواجهات معهم خاصة خلال الحرب وبعدها وأعلنت الحرب ضدهم، والآن مع مسلمي روسيا نعمل ضد الافكار المتطرفة وطرق الوقاية منها، وفي آخر الاحداث في سوريا اتضح لنا أن هناك شبابا ذهبوا إلى سوريا لتحقيق أحلامهم الخيالية لذلك الواقع غير الموجود وتصورهم لوجود العدالة المطلقة، وأغلبهم يكون حديث عهد في الاسلام قد غرر بهم، لأن العائلات المسلمة في الشيشان والاقاليم الروسية لديهم توجهات دينية معتدلة ترفض التشدد والتطرف، وقد تم إطلاق برنامج حديث في الشيشان لاستعادة العوائل المغرر بهم من قبل الدواعش والذين ذهبوا إلى سوريا، وتم استقبال 100 عائلة روسية، كما أن رئيس الشيشان أعطى فرصة ل 300 شخص من منتسبي الداخلية والمصابين في مواجهات مع الارهاب على نفقته الخاصة من بينهم 140 شخصا مصابا. والمملكة مثلها مثل الدول الاسلامية تضررت بفعل ذلك الفكر المتطرف وهو ما جعلنا نضع أيدينا في أيديها وأيدي الدول الاخرى للقضاء عليه، والمملكة الان تقع وسط تهديد محاط بها من قبل الحاسدين وخصوصا مع امتداد الارهاب الدولي حولها مثل اليمن والعراق وسوريا، واستهداف المملكة الموجود الان هو ليس استهدافا للمملكة وإنما استهداف للإسلام لأن المملكة بتواجد المقدسات الاسلامية فيها تصبح قلب العالم الاسلامي ومنبع هذا الدين واستهدافها هو استهداف للإسلام، وهناك الكثير من الحاسدين لها ويسعون جاهدين على التحريض وتشويه سمعتها والسبب كما قلنا سابقا هو الحسد لنجاحها. - كم عدد حجاج روسيا وكم نصيب الشيشان منها؟ بعثة الحج الروسية يبغ عددها 20500 شخص، منها 2600 حاج من جمهورية الشيشان، وهناك اهتمام روسي عال جدا بموسم الحج، وقد كلف فخامة الرئيس فلاديمير بوتين نائب رئيس مجلس الشيوخ الروسي بقرار رسمي للتواصل مع المملكة بشكل رسمي، وبعقد الاجتماعات مع رؤساء البعثات، وتحديد الفترات الزمنية لتوفير السكن وخدمات الاعاشة للحجاج، وتوقيع اتفاقيات النقل الجوي، حتى تلتزم بعثات الحج الروسية بالتفويج ونقل صورة متكاملة وجميلة لضيوف الرحمن القادمين من روسيا، مبينا أنه في القانون الروسي يعتبر الحج في نظام السياحة الخارجية ويجب الالتزام بقوانين المملكة، ويدل على اهتمام روسيا بمواطنيها على اختلاف دياناتهم، كما أن الحكومة السعودية قدمت تسهيلات عديدة للحجاج الروس. - حدثنا عن بناء المساجد في روسيا والشيشان وهل هناك نية في التوسع في بنائها؟ هناك اكتفاء كامل في بناء المساجد، وسعادة الرئيس الشيشاني رمضان قديروف بنى اكثر من 1080 مسجدا، اما المساجد في روسيا فقد بلغ عددها 9000 مسجد متوزعين في كل مساحة روسيا لتشمل 154 مليون مسلم في روسيا، وبناء المساجد في روسيا يتم عن طريق صندوق اقليمي اجتماعي وهناك جهود وتعاون مشترك بين روسيا والمملكة سواء على صعيد وزارة الشؤون الاسلامية، أو عن طريق رابطة العالم السلامي وقد زارنا أمين عام المنظمة، وسيتم قريبا عقد مؤتمر اسلامي في روسيا تحت رعاية الرئيس الروسي كتوجه جديد في تعزيز العلاقة مع الدول الاسلامية تحت مظلة رابطة العالم الاسلامي نصفه في روسيا ونصفه الاخر في الشيشان. تاريخ ضارب في الجذور للإسلام في روسيا هناك ميزة يتميز بها مسلمو روسيا عن مسلمي أوروبا هي أنهم مواطنون أصليون وغير متنوعين في الطوائف الدينية الاسلامية، ويتبعون مذهبا واحدا وهو أهل السنة والجماعة وأغلبهم حنفية والنسبة الأخرى شافعية في المسائل الفقهية، كما أن الاسلام في روسيا بالإضافة إلى أنه يتمتع بتوحد مذهبه فإنه أيضا غير مسيس، وفي روسيا لا يعاني الكثير من المسلمين من بناء المساجد أو لبس الحجاب مثل بعض الدول الاوروبية، لأن الاسلام وصل في روسيا في العقد الثالث الهجري وبالتحديد في عام 22 هجريا، أما في أوروبا فوصل الاسلام بعد الحرب العالمية الثانية. وقال: «هناك مقبرة ل 40 صحابيا من الذين قتلوا على يد يهود القزوين، ثم جاء المسلمون مجددا في العام 90 هجرية وبنوا مسجدا تاريخيا على أربعين عمودا تمجيدا لجهود ال 40 صحابيا الذين قتلوا هناك وهو موجود إلى يومنا هذا»، وهناك تاريخ كبير قديما بين الاسلام وروسيا، والان في عهد فلاديمير بوتين، المسلمون يتمتعون بكافة حقوقهم، وكونت صناديق لدعم الثقافة والعلم والتربية الاسلامية في روسيا لدعم 11 جامعة اسلامية في روسيا في كل جامعة أكثر من 800 شخص، ونصيب الشيشان منها جامعتان حكوميتان اسلاميتان معترف بهما من قبل الحكومة بشرط أن يكون 30% من المواد المدروسة هي علمية إلى جانب 70% من المواد الشرعية. السيرة الذاتية لنائب مفتي الشيشان مواليد 1975 جمهورية الشيشان روسيا الاتحادية حاصل على البكالوريوس من كلية الدعوة في دمشق حاصل على البكالوريوس من كلية الحقوق في روسيا يدرس حاليا مرحلة الماجستير في العلاقات الدولية في روسيا عمل في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت 2006 - 2015 يعمل حاليا نائبا لمفتي جمهورية الشيشان