منذ أكثر من عشرين سنة تقريبا تم ضمي الى أحد لجان القبول في الجامعة، و كانت مهمتي هي حساب النسبة المئوية لدرجات الشهادة الثانوية للطالب المتقدم، وفي حال كانت نسبة الطالب نسبة محددة فما فوق قمت باستلام ملف الطالب لتتم بعد ذلك إجراءات القبول، أما في حال كانت النسبة أقل من ذلك اقوم بتوجيه الطالب للجنة قبول في كلية اخرى تقبل نسبة أقل بقليل، وفي ذلك الوقت كانت هناك كلية واحدة يمكن أن يحال اليها الطالب، في البداية قمت باستلام اغلب الملفات من المتقدمين ووجهت بعضهم الى الكلية الاخرى، حتى اتاني طالب اسمه يوسف وكانت نسبته أقل من النسبة المسموح بها للكليتين، وبطبيعة الحال لم استلم ملفه و وجهته الى الكلية الأخرى، ثم استدركت، وقلت ان نسبته غير مقبولة حتى في الكلية الأخرى، فسألني ووجهه كله حيرة: "إذاً أين أذهب"؟ فلم أستطع أن أجيبه، ثم تسائل يوسف قائلا: "ماذا أقول لأبي"؟ وأخذ يوسف ملفه و ذهب. في كل عام في وقت إعلان نتائج قبول طلاب الجامعات تحدث قصصا حزينة مثل قصة يوسف، وتفترق آراء القوم عن أسباب عدم قبول الطلاب، ولكن أصح الأقوال و اكثرها دقة يؤخذ من المشتغلين في الإدارات المسؤولة عن القبول، فهم من لديهم المعايير وهم من يقومون بتطبيقها بكل دقة، و في هذا الزمن يتم القبول بشكل الكتروني قلما تمتد اليه ايدي البشر، ولكن مهما أبدوا المسؤولين من حجج وأسباب لعدم قبول بعض الطلاب يبقى السبب الأهم و الأقوى، الذي لا يمكن لأحد أن يتجاوزه، وهو عدد المقاعد الدراسية الممنوح لكل جامعة، والذي في الغالب يزاد عليه قليلا في فكل عام. فما الحل؟ الحل الواضح والسريع الذي الذي يمكن أن يتبادر لذهن أغلب الناس هو العمل على زيادة مقاعد الدراسة في الجامعات بشكل عام، أما الحل الأمثل في رأي البعض هو تطبيق سياسة استيعابية وضمان مقعد دراسة جامعية لكل طالب يتخرج من الثانوي كما في بعض الدول، و بهذا ننتهي من هذه القصة جملة و تفصيل،ا ولكن قد يقول بعضهم أن هذا ربما سيكون على حساب جودة التعليم الجامعي بشكل عام، ونحن لو أخذنا بهذا القول الاخير، سنكون قد افترضنا أن من قبلوا في الجامعات حسب المعايير الدقيقة مثل حساب نسب الدرجات بالاضافة الى خليط من الاختبارات المعيارية، أنهم هم الأفضل من بين أقرانهم، لكن واقع الحال يقول غير ذلك، فهناك ضعف ظاهر في عدد كبير من المقبولين في الجامعات لا نستطيع إنكاره، بل يمكن أن القول أنه يتسرب الى داخل الجامعة من لا يستحق الدراسة فيها على الإطلاق، ولكن في النهاية لا بد من استخدام الية محددة للقبول، حتى لو اتفقنا انها ليست الادق. كل هذه الأفكار وكل هذا النقاش حول قبول الطلاب في الجامعات لا يغير من واقع الحال أن في أول يوم دراسي سيكون الكثير من الآباء والأمهات حزينين بسبب ذاك الابن و تلك البنت التي لم تستطع أن تعيش فرحة الذهاب للجامعة مع الأقران في أول يوم دراسي ولسان حال الاباء يقول وا اسفى على ابني، تماما مثل حال والد الطالب يوسف الذي لم يجد يدا تستلم منه الملف. هذه الحالة من الحزن و الحيرة ستتكرر في كل عام، وبلا شك أن أيا منا من الممكن أن يكون عرضة لذلك الحزن او تلك الحيرة اذا لم نُعد لذلك اليوم عدته، لكن هذا الحزن المصطنع في رأيي سنعاني منه عاما بعد عام كما يبدو، وفي كل عام نسعى للبحث عن حلول من الجامعة المغلوبة على أمرها و المحكومة بعدد المقاعد المحدود وبالتالي لا تستطيع أن تذهب بالحل بعيداً حتى ولو رغب العاملون فيها ذلك. لكن ربما يكمن الحل خارج الجامعة، ومن المرحج أن يكون الحل في أي مكان إلا من الجامعة، و لتهنأ الجامعات الأفذاذ التي قبلتهم بمعايير دقيقة، أما البقية فنقول لهم أن أرض الله واسعة ومن سار على طريق النجاح وصل.