بهجومهم على ناقلة النفط السعودية في البحر الأحمر الأسبوع الماضي، نقل الحوثيون المدعومون من إيران حربهم العبثية من اليمن إلى المواجهة مع المجتمع الدولي نسبة لتهديدهم حرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية والحاق أضرار خطيرة بالبيئة والحياة البحرية. لقد أصبح واضحًا أن استمرار ارتكاب هذه الميليشيات، ومن يقفون وراءها لجرائمهم بحق الشعب اليمني، ومحاولة فرض سيطرتهم على الممرات المائية في الخليج العربي والبحر الأحمر، يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن على المستويين الإقليمي والدولي. ويجعل هذا الاعتداء في رأي كثيرين قوات التحالف في حل من أي تعهدات قطعتها أمام المجتمع الدولي بعدم استخدام القوة العسكرية لتحرير ميناء الحديدة، الذي تتلقى هذه الميليشيات عن طريقه الأسلحة الإيرانية، وتستخدمه منصة انطلاق لأعمالها الإرهابية وتهديد الملاحة الدولية. ويرى المراقبون الذين يتابعون تطور الأوضاع في جنوب الجزيرة العربية، أن التحالف العربي بقيادة المملكة عليه التزام أخلاقي وأمني لاتخاذ ما يراه من تدابير بما في ذلك استخدام القوة العسكرية لتحرير محافظة الحديدة، والقضاء على الوجود الحوثي فيها. ويعتقد المراقبون أيضا أن ايقاف الرياض بشكل مؤقت لشحن النفط عبر مضيق باب المندب، من شأنه لفت انتباه المجتمع الدولي وتحريك مجلس الأمن والقوى الدولية لاتخاذ موقف واضح من البلطجة الإيرانية التي تمارسها طهران عبر وكلائها الحوثيين وميليشياتها في المنطقة، ذلك أن تجربة المجتمع الدولي في العراق وسوريا، وعدم تدخل إدارة الرئيس اوباما للتصدي مبكرًا للنفوذ الإيراني، كافية لاقناعه بأن العمل العسكري وهزيمة الحوثيين في الميدان، هي الحل الوحيد لإعادة الاستقرار والأمن الدوليين، وافهام إيران أنها لن تستطيع الاستمرار في هذه اللعبة وعليها أن تدفع الثمن. والاعتداء على ناقلات النفط لن يؤدي لوقف تصدير النفط السعودي، فالمملكة العربية السعودية خياراتها مفتوحة، ولديها خط أنابيب يمتد من الشرق إلى الغرب عبر أراضيها ليصب في ميناء ينبع على ساحل البحر الأحمر، وبامكانها أيضا استئجار ناقلات أجنبية إذا ارادت. وبالنسبة للأسواق الدولية ففي حال حدوث نقص في واردات النفط ولو على المدى القصير، سيبني ذلك دعمًا دوليًا للتحالف، ويعزز موقفه في التصدي للحوثيين وتكثيف العمل العسكري ضدهم لإجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وفق شروط الحكومة اليمنية. التحالف كان قد علق هجومه على ميليشيات الحوثي المتمترسة في مدينة الحُديدة وأجّل حسم الموقف عسكريًا لاعطاء فرصة للعمل الدبلوماسي بقيادة الأممالمتحدة، وفي نفس الوقت الاستعداد لعملية الحسم وتحرير المحافظة والميناء اذا تعثر الجهد الدبلوماسي. لكن الاعتداء على ناقلة النفط، كان له بعد عالمي لم يتحسب له الحوثيون وحلفاؤهم، فقد جعل المجتمع الدولي يرى التحالف مدافعًا عن مصالحه الحيوية، مما سيزيد ارصدته على طاولة التفاوض، ويضعف ادعاءات الحوثيين الدبلوماسية، كما يعطيه مبررات مقنعة لمغادرة المحادثات متى ما أراد والعودة إلى الميدان لحسم الحرب على الأرض، والقضاء على التمرد الحوثي وهزيمة مشروعهم الوهمي وإلى الأبد. في تحليل نشره معهد واشنطن المختص في شؤون الشرق الأوسط، أكد في موقعه على الانترنت على ضرورة استئصال مهاجمة الحوثيين للسفن المدنية في مضيق باب المندب، وقال «إن هجوم المتمردين المدعومين من إيران (على ناقلة النفط السعودية) يؤكد ضرورة اعادة ساحل البحر الأحمر بالكامل إلى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا». واوضح المعهد في تعليقه على إعلان المملكة تعليق نقل نفطها عبر مضيق باب المندب مؤقتًا «حتى يصبح الوضع أكثر وضوحًا، والعبور البحري عبر باب المندب آمنًا» ان انقطاع تدفقات الطاقة العالمية عبر مضيق باب المندب سيتكرر، إلى أن يتم اخراج المتمردين الحوثيين من مقاطعة الحديدة الساحلية. وجاء في التحليل ان المملكة تستطيع استخدام خط بترولاين لنقل النفط الخام إلى محطات التصدير في ينبع على البحر الأحمر، ولكن «تبقى الحقيقة بان اعتداءات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ستظل تعطل حركة المرور في ثالث مضيق بحري مهم في العالم بعد هرمز ومالاكا».