الدنيا هذا الصباح خلقت دون حروب، وكأنني لم اشعر يوما بتعاسة الحظ، وكسر الخاطر وإحساس الألف خير يلازمني دائما هذه اللحظة فقط. هل يخلق فينا نهار العيد هذا الفرح اللامحدود ويجعلنا قادرين على الطيران بخفة، كطفل يقصقص صور السماء من الكتب ويلونها بالازرق ليعلقها على جدران غرفته، أو في دفتر رسوماته وتصبح بيوتنا مزدحمة بالسعادة التي ليس لها سبب وتضج طاولاتنا بالضحك، تعتلي وجوهنا راحة البال، وتصبح الشوارع مكتظة بالسيارات، والمجالس مفتوحة للجميع.. حتى انني أتمنى ان تتوقف عقارب الساعة عند ذلك الوقت ولا يمشي سريعا فأنا لا أريد أن افتقد هذه المتعة التي يشعر بمعظمها الكثير من الناس. ربما تختلف نكهة العيد عند البعض وقد تتغير مشاعرهم بعدم الإحساس بلذته كما كان في السابق لفقدانهم من رحلوا عنهم وأنا اعلم أن لو كان للموتى صوت لتجدهم صاحوا بهم وعاتبوهم على التفريط بجمال العيد وسعادته، لنعيش هذه اللحظات بكل ذرات اجسادنا، لِنترك الصيحات والشكوى، لننزع الآلام، ونتجاهل تلك الاحزان وننبذ الأحقاد والخلافات، ونعطي الطفل حقه في التعبير عن فرحته.. ما زلت أتذكر حينما كنا أطفالا صغارا، في كل ليلة عيد نخبئ ثيابنا الجديدة تحت الفراش، وننام بأعين مفتوحة لا يكاد يغمض لها جفن، ننتظر صوت تكبيرات العيد في المساجد نرتدي ثيابنا البسيطة، نقبل والدينا ونتوق للحصول على العيدية التي تحتوي على ريالات قليلة لكنها بالنسبة إلينا تعادل كنزا لا يفنى، ونركض في الشوارع ونجوب جميع البيوت حتى التي لا نعرفها حيث ان جميع الأبواب مفتوحة تفوح منها رائحة البخور، ممتلئة بالكثير من الحلوى اللذيذة. لنتأمل قليلا.. كيف جعل الله الفرح (عبادة) حيث امر الله بعدم الصيام في اول ايام عيد الفطر فالفرح غاية مهمة ينشدها الانسان ليحقق سعادته، يكفينا ان هذا السرور قد هيأه الله تعالى للمسلمين وما يأتي من الله دائما يتسم بالكمال والجمال. وكما تغنى الشاعر الرومي بالعيد حينما قال: ولما انقضى شهر الصيام بفضله.. تجلى هلال العيد من جانب الغرب كحاجب شيخ شاب من طول عمره.. يشير لنا بالرمز للاكل والشرب. وكل عام وأنتم بخير.