يقال إن «المظاهر تحكم العالم»، قد تصف هذه المقولة العميقة الواقع الذي نتعايشه جملة وتفصيلاً في ظاهرة المبالغة بالمظاهر والتي اكتسحت مجتمعنا العربيّ بطبقاته المختلفة حتى تحوّلت إلى آفة اجتماعيّة خطِرة وباتت تتفاقم فيه بشكل مبالغ او بمعنى أدق أصبحنا نتنفس المظاهر كفقاعات اوكسجين نستنشقها بعمق كذرات صغيرة تحتوي كل ذرة بشكل منفرد على ملابس ذات ماركات عالمية وثانية سيارة اخر موديل، وثالثة تحتوي على منزل مجهز بأحدث التقنيات، وهلم جرا. لن نستنكر كل ذلك فأغلبنا تروقه الماركات الشهيرة ظنا منه أنها تدعم مظهره أمام الغير، بل البعض صار لا يقيس قيمة الشخص الذي أمامه بأخلاقه، بل بنوع ماركة الملابس التي يرتديها ومظهره الخارجي، وكأن الذي يشتري الماركات وحده من يمتلك اعتباراً. باعتبار ذلك مؤشراً يجعله من قبل الآخرين واثقاً بنفسه أكثر. على الرغم من قسوة الحياة وضعف الحاله المادية عند البعض الا إننا نعيش عصر التدفق والانفاق على تلك الماركات التي صارت ثقافة سائدة في مختلف الطبقات. ولكن استطيع ان ألخص هذا الاستهلاك الترفي في عاملين أساسيين، الأول هو «ثقافة التقليد» التي اصبحت ضمن المبررات الواهمة يضعها بعض الناس معتقدين: أنهم لا يريدون ان يكونوا أقل من غيرهم وقد نجدهم كعدد كبير من الأشخاص المُفلسين الذين فرغ رصيدهم كفراغهم الدّاخليّ.. ليتحول تقليدهم هذا إلى هوس استهلاكي، وشراء لا يتوقف مجاراةً للوضع السّائد، مما يؤدي إلى الوقوع في مشاكل مالية كبيرة سببها المظاهر الزائفة لسد ذلك النقص. اما الجانب الثاني فهو «ثقافة الترفيه» عن النفس حيث إنهم يعيشون حياة «مضغوطة» مليئة بالمسؤوليات المختلفة وباقتناء تلك الماركات يمكن أن تقل معها الضغوط. إن الدرس المستفاد من هذا الموضوع مهما بسط لنا الله في الرزق، فلا حرج في اقتناء الجميل لكن بدون غلو والسعي لتفهم ما يدور حولنا.. وحبذا لو ابتعدنا عن كلمات الطغيان التي تبدأ ب (أنا، لي، عندي).. فمهما بلغنا من النعم فلابد ان لا نربطها بأنفسنا. ولتتضح الصورة اكثر «لا يمكن ان نقيس الطيبة ببشاشة الوجه»، كذلك هي قيمتنا لا تقاس من ماركات ملابسنا، قد تكون (لفئة ما) أسباب مقبولة، ولكن تتحول الى «خلل» حين يكون الهدف من الشراء محاكاة الآخرين مهما كانت التكلفة أو الخسارة المترتبة على ذلك. وختاماً كما يقول جبران: لا تجعل ثيابك أغلى شيءٍ فيك، حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص ممّا ترتدي.