زيارة الرئيس الروسي فلادمير بوتين إلى بكين، والاجتماع إلى الرئيس الصيني شي جين بينج، الجمعة الماضية، يؤكدان أن كلا الرجلين تحت سندان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومثلهما دول الاتحاد الأوروبي التي تكتلت في كندا في مواجهة سياسات ترامب الحمائية. فبعد مضي شهر واحد من بداية ولايته الجديدة توجّه بوتين إلى الصين في زيارة رسمية إلى بكين استمرت ثلاثة أيام، مؤكدًا أن الضغط المتصاعد من الولاياتالمتحدة قد دفع البلدين إلى مزيد من التقارب والاصطفاف لمواجهته. فيما بدا رد فعل على إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة التي تصفهما بأنهما أكبر خصوم أمريكا، حيث قرّر البلدان توسيع تعاونهما الاقتصادي والسياسي والعسكري، وتعزيز منظومة شنغهاي للتعاون الإقليمي التي تضم دولًا سوفيتية سابقًا وأعضاء جددًا كالهند وباكستان. ويرجع تقارب بكينوموسكو إلى علاقة شخصية قوية بين بوتين وشي، الذي يعتبره أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونج، وقد التقيا خمسًا وعشرين مرة منها خمسة اجتماعات العام الماضي وفقًا ليوري اوشاكوف مستشار بوتين للشؤون الخارجية. وبحسب «استرآت تايمز» قال بوتين في مقابلة مع إذاعة صينية رسمية، يوم الأربعاء الماضي، الرئيس الصيني هو الزعيم العالمي الوحيد الذي دعاه للاحتفال بعيد ميلاده، ثم أشاد به كزميل مريح للعمل وصديق جيد وموثوق. وتقول «ساوث شاينا مورننج بوست»: تقليد الرئيس الصيني لصديقه فلاديمير أرفع وسام في الدولة يعطي أكثر من رسالة تتعدى تأكيد عُمق العلاقات بين بلديهما.. الميدالية قدّمها شي بنفسه في احتفال كبير أقيم بقاعة الشعب الكبرى في بكين. فكلا الرجلين يتخذان ضوابط أمنية مشددة في وجه التحديات، التي تواجه حكمهما، وقد شدّدا قبضتهما على السلطة هذا العام. شي يتبع أساليب تمكّنه من البقاء في السلطة لأجل غير مسمى، وبوتين استطاع بفوزه بفترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات تتويج نفسه الأطول بقاء في السلطة بعد جوزيف ستالين. ومن الواضح أن بوتين أصبح أكثر اندفاعًا تجاه الصين بسبب الركود الحاد في علاقاته مع الغرب بعد ضمه شبه جزيرة القرم عام 2014 ودعمه تمرد شرق أوكرانيا الانفصالي، وتتطلع موسكو بشكل متزايد لدعم بكين في مجالات التجارة والاستثمار في أعقاب موجات من العقوبات الغربية تستهدف قطاع الطاقة الحيوية والصناعات العسكرية، وتحد من قدرة البلاد على الوصول لأسواق المالية العالمية. وقد قال بوتين في تلك المقابلة: طوّرنا خلال العقود الماضية علاقات لا مثيل لها في العالم اليوم.. علاقات مبنية على مراعاة المصالح المتبادلة. لقد تضاءلت آمال روسيا في تحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب وتزايدت حدة الخلافات بين بكينوواشنطن؛ إذ تلوح بوادر حرب تجارية شرسة بين البلدين بالإضافة لرفض أمريكا تحركات بكين لتعزيز وجودها في منطقة بحر جنوبالصين الإستراتيجية. وكان وزير الدفاع الصيني الجديد الجنرال وي فينج قد قال في تصريح غير معتاد في أبريل الماضي: إنه اختار زيارة روسيا في أول رحلة له إلى الخارج لإرسال إشارة إلى واشنطن حول العلاقات العسكرية الوثيقة بين موسكووبكين. وتتقاسم روسيا تقنيتها العسكرية المتقدمة مع الصين وتزوّدها ببطاريات من طراز S-400 لصواريخ الدفاع الجوي طويلة المدى وطائراتها المقاتلة طراز Su-35 الأخيرة.