أحد الأمور التي أصبحت واضحة خلال العقد الماضي هو كيف يمكن أن تنتشر الآثار بشكل غير متوقع عبر البلدان في أوقات الاضطراب المالي، لكن الجديد هو تسرب الخلل السياسي الإيطالي للأسواق العالمية. ويقول مقال نيل إروين في صحيفة نيويورك تايمز إن هذه الأحداث من المرجح أن تدفع باتجاه مواجهة بين السلطات في روما والمسؤولين في بروكسل وبرلين وفرانكفورت حول الإنفاق على العجز في الموازنة قد يكون من نتائجها تصدع الاتحاد الأوروبي ومن ثم تفككه كنتيجة محتملة لكنها ليست الأكثر احتمالا. وينوه المقال إلى أن الانتخابات الإيطالية شهدت في مارس الماضي فوز الأحزاب الشعبوية المناهضة للمؤسسات الأوروبية بأغلبية مريحة في البرلمان، لكن فوز أحزاب اليمين واليسار بمقاعد في البرلمان أجبرها على الدخول في تحالف لتشكيل ائتلاف حكومي. وإذا نجح الشعبويون في الحفاظ على تقدمهم في الانتخابات المنتظرة فإن ذلك يثير احتمال وجود احتكاك خطير بين السياسيين الإيطاليين الذين يتطلعون إلى زيادة الإنفاق وبين المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي والحكومة الألمانية التي تصر على التقشف المالي كشرط لأمور من بينها استمرار شراء البنك المركزي الأوروبي للسندات الإيطالية. ونتيجة لذلك، يدخل الاتحاد الأوروبي مرحلة أخرى محفوفة بالمخاطر، بعد سنوات من الأزمات التي انطلقت من اليونان منذ تسع سنوات ووصلت ذروتها مع الدراما العالية لأزمة منطقة اليورو من 2010 إلى 2012. ولكن المخاطر بالنسبة لإيطاليا أعلى بكثير، نظرا لكونها من حيث عدد السكان أكبر من اليونان وتقع في قلب الاتحاد الأوروبي وتعاني من معدل ديون عامة أعلى بكثير. ونتيجة لتفاقم الأزمة السياسية زادت عائدات السندات الإيطالية وانخفض سعر صرف اليورو والأسهم في جميع أنحاء العالم إثر مخاوف من دخول أوروبا في أزمة كارثية. وحتى الآن، لا توجد سوى علامات قليلة على آثار العدوى، وأن التطورات في روما يُمكن أن تخلق أزمة ذاتية في بلدان أخرى تواجه تحديات اقتصادية مماثلة. ولكن ايطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ورابع أكبر اقتصاد في أوروبا بعد ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ولديها واحد من أكبر معدلات الدين العام في العالم ويعني دخولها في أزمة هناك تعرض البنوك والمحافظ الاستثمارية للخطر في كل مكان. ويشير المقال إلى أن تكاليف الاقتراض الحكومي الإيطالي ارتفعت خلال عامين من 0.94% إلى 2.42% خلال تعاملات الاسبوع الأخير من مايو بينما ارتفعت عائدات السندات الإسبانية خلال نفس الفترة بنسبة 0.07 نقطة مئوية فقط. وبحسب المقال لا توجد رغبة بين الدول الأوربية وبخاصة ألمانيا في دعم ما يعتبرونه تبذيراً مالياً في إيطاليا. وقد شمل الدفع باتجاه تحقيق وحدة اقتصادية أكبر في جميع أنحاء أوروبا منذ الأزمة اليونانية توفير ضمانات مشتركة لمصارف القارة وشراء البنك المركزي الأوروبي للسندات الحكومية. ويؤكد المقال أن إيطاليا بدون الاتحاد الأوروبي ستواجه التضخم المرتفع وفقدان المدخرات على المدى القريب وتداعيات سلبية وطويلة الأجل على النمو لأنها ستكون أقل جاذبية للاستثمار. ويشير الكاتب الامريكي إلى أنه على مدار العقد الماضي شهد العالم سلسلة متتالية من الأزمات التي يؤدي فيها الاضطراب المالي إلى تغذية اليأس الاقتصادي الذي يمكن أن ينتشر عبر المحيطات. ولم يخطر ببال أحد أن أزمة قروض الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة من شأنها أن تطلق زناد الأزمات في اليونان وفي جميع أنحاء أوروبا كما حدث قبل كل هذه السنوات وإذا سارت الأمور بشكل سيئ في إيطاليا فلا أحد يعرف اين سيتوقف الضرر.