عندما تتجاوز الأعداد مئات الآلاف في مكان ما تكون مسؤولية تحضير وجبة واحدة لهم غاية في الصعوبة، ويكون إتمام الأمر على أكمل وجه مهمة لا يتصدى لها إلا المحترفون الواثقون، وهذا الموقف يتجلى برمته في المسؤولية الواقعة على عاتق هؤلاء الذين تصدوا لتفطير الصائمين من ضيوف الرحمن قاصدي بيت الله الحرام في مكةالمكرمة، في هذا الشهر الفضيل الذي يتلمس فيه المؤمنون مواطن الرحمة والعفو من ربهم. لذلك فإن موائد الرحمن في المسجد الحرام ليست كأي إجارء تحضيري يقوم به الإنسان، بل ينطوي تحت نظام احترافي محكم يقوم عليه عدد من الشباب والفتيات تجاوز 2300 شابا وفتاة وذلك عبر (57) جهة ومؤسسة خيرية؛ حيث منحت الرئاسة العامة لشئون المسجد الجرام والمسجد النبوي أكثر من (1195) تصريح لتوزيع وجبات إفطار صائم بشكل نموذجي ، و بلغ عدد الوجبات اليومية (174.761) ألف وجبة يومية . مزيج ثقافي وميزات أخرى تمتد موائد الرحمن عادة في داخل المسجد الحرام وساحاته وعلى الأسطح ، وتتحول إلى مزيج ثقافي رائع ، وتجمع الصائمين من مختلف الجنسيات والأعراق، واختلاف اللغات واللهجات ، حيث يقوم المتطوعون والمتطوعات بإعداد سفر الإفطار في مشهد يتكرر بشكل يومي ، ومشاركة أهالي مكةالمكرمة في توزيع أنواع مختلفة من التمور والخبز والمأكولات والقهوة . وتتميز السفر الرمضانية التي تنتشر داخل المسجد الحرام وفي ساحاته الخارجية والتي تمتد بشكل طولي، حيث يراعى فيها دخول وخروج قاصدي المسجد الحرام بطرق احترافيه ، في صورة مألوفة قبيل صلاه المغرب بمظهر من مظاهر البر والتآخي والمسارعة إلى الخيرات ، ويشارك في تنظيمها (1973) شابا و (379) فتاة في وقت قياسي وعمل منظم . وتتنوع وجبات الإفطار فيها حسب المؤسسات والجمعيات التي تتولى تنفيذها والإشراف عليها من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبويي. نظام مُحكم فتبدأ تجهيز سفر الإفطار في الحرم قبيل أذان المغرب بساعة، وتفرد السفر ويجتمع حولها الصائمون، وقبيل الأذان بنصف ساعة يتم توزيع وجبات الإفطار على السفر وقد هيئت جميع السبل للقائمين على هذه السفر بطريقة مناسبة ، حيث تحتوي وجبات الإفطار داخل الحرم التمر والماء ، أما السفر الخارجية فتحوي على وجبات مغلفه بداخلها الماء العصائر و التمر و يتم تقديمها لجميع الصائمين . من آراء ضيوف الرحمن و يقول المعتمر محمد اليافعي يمني الجنسية " إنني سعيد جدا بما رأيت وشعرت بروحانية إيمانية في بيت الله الحرام في هذا الشهر الفضيل، وبهرت بما شاهدته من هذا التوسع الذي لا مثيل له في ساحات المسجد الحرام وجهوداً كبيرة نشكر القائمين عليها . كما عبر الزائر " محمد خان " من باكستان وأبنائه، أن هذه الخدمات المقدمة التي نشاهدها محيطة بالمسجد الحرام تسُرّ كل مسلم ومسلمة ليتفسحوا ويجدوا لهم مكاناً و مصلى . وأما المعتمر محمد كامل مصري الجنسية فأشار الى أن الاجواء الرمضانية في مكةالمكرمة لها شعور لا يوصف وابتسامة تعلو الشفاه وطمأنينة تشع في جنبات الحرم مستشعرا جمال المناظر بالمتواجدين الذين يملؤهم الأمل مسبتشرين بعفو الله ورحمته .