من الدراسات والتقارير الاقتصادية تشير إلى نمو القطاع الصحي في منطقتنا نموا مطرداً، إذ بلغ حجمه حتى 2016 نحو 62 مليار دولار أمريكي. في حين تستحوذ المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية معاً على أكثر من ثلثي هذا السوق. وكانت قد توقعت شركة (مينا ريسيرتش بارتنرز) «أن ينمو قطاع الرعاية الصحية الخاص بدول الخليج بمعدل 8.7% سنوياً ليصل إلى 94 مليار دولار في عام 2021». النمو أمر مطلوب لأسواقنا الصغيرة، ولكن ماذا عن جودة المنتجات؟! دولنا حريصة جداً على مقاييس الجودة العالمية، ولديها هيئات مراقبة عالية التقنية، بيد أن الأمر يحتاج لتعاون كبير بين المستهلك وتلك الجهات لضمان نجاح السوق وبالتالي خلق سمعة تجارية دولية. قبل فترة اضطررت لعمل بعض التحاليل في المشفى العام ولأن التحاليل تأخذ وقتا اضطررت لعملها في الوقت ذاته في أحد المشافي الخاصة بالذات تحليل فيتامين (د)، المدهش كانت نتائج التحاليل متباينة في الحالتين الأمر الذي جعلني أتساءل، أيهما أدق؟! ففي الوقت الذي تظهر النتائج في المشفى العام حالة صحية طبيعية، أظهرت نتائج (الخاص) وبأرقام متدنية جداً وبفارق كبير مستوى تدهور وقصور، مع أن توقيت اجراء التحاليل بين الاثنين لم يكمل الاربع والعشرين ساعة أي لم يتعد فارق يوم بأكمله ليكون هذا التباين. وحين تحدثت مع بعض الأطباء الثقات أكدوا لي أنهم لا يأخذون بنتائج المستشفيات الخاصة على الأرجح لسوء الفحص والتحليل الذي يأتي مختلفا وسلبيا في الغالب. لأكتشف بعدها أن عمل بعض المستشفيات الخاصة أشبه بعمل «كراج متحايل» يصلح عطبا ويحدث آخر ليستمر رزقه دون انقطاع على بعض من وثقوا به، فهذه المستشفيات التي توفر أغلب العلاجات وبها صيدلية خاصة، وتقوم بشرح واف لنتائج التحليل وتعطيك نصائح من ممرضات يشرحن نتائج الفحص لا يعدو كونهن يمارسن «تسويقا» لمنتجاتهم وخدماتهم الصحية لا «تمريض» عبر ايهام الحالة بأنه مريض ولديهم العلاج المناسب. وعليه وجب على المستهلكين الانتباه، قد لا تكون مريضا، وتعيش وهم المرض بسبب فحوصات «مرابحة» وتصبح بعدها «مدمن» مستشفيات، لأنك تعيش هاجس المرض الذي قد أوهمك أياه. للأسف هناك الكثير من مثل تلك الحالات التي بات لها سجل طبي في عدد من المستشفيات الخاصة ولم تشف بعد ليس لأنها مريضة ولكن لأنها مستهلك مربح يتم التحايل عليه. ففي الوقت الذي نشهد فيه تطور الطب في دولنا الخليجية، في الوقت عينه تتحول المستشفيات الخاصة إلى «مشاريع تجارية» وهذا ما يجب الوقوف عليه. ففي دولنا هناك هيئات لحماية المستهلك تعمل بجودة عالية. فمثلا صمام الأمان في المملكة العربية السعودية هي «الهيئة العامة للغذاء والدواء» لا أخفي بأني دائمة المرور على موقعها للاستفادة من كل المعلومات التي توفرها الهيئة وعملها دقيق وتقني جدا ويستحق الإشادة، فقد أبليت حسناً حقاً. بيد أن مثل هذه الهيئات الحكومية والعاملة بصدق، والتي أسستها حكوماتنا لحماية المستهلك وتوعيته وتوفير المعلومات ومتابعة ومراقبة الاسواق بدقة وتقييد المخالفات بشجاعة، لن تستطيع وحدها أن تكتشف بعض المخالفات إن لم يتعاون معها المستهلك ذاته.