بعض المجتمعات من الكبت على جميع الأصعدة فيُعاب فيه من يظهر الحُب علناً، فتجد رهبةً في نفسك من الاعتراف به أو حتى في الحديث عنه، في حين أن الكراهية تطفو على السطح ويبقى الحب كلمة منسيةً على الرف نستخدمها استخداماً عرضياً لا لمعناها وسموها ولكن لهدف يُراد أن يتحقق من خلال هذه الكلمة، ويبرر الناس سلوكياتهم المليئة بالكراهية بأن الهدف منها مقبول بل وسامٍ، فعلى سبيل المثال الأب الذي يبرح أبناءه الصغار ضرباً ثم بعد أن تخر قواه وينال الزمان منه يدّعي أمام أبنائه بأنه كان يفعل ذلك حرصاً عليهم وحباً لهم، نعم قد يكون حباً لكن التعبير خاطئ يعلم الأبناء على ربط الحب بالعنف. فعندما نتحدث عن الحب أياً كانت أطرافه فإنه يحمي البيئة ويزيل الحواجز ونشعر بأمان النفس وسلامة القلب والعقل ووضوح الأهداف النبيلة منه، حين نتحدث عن الحب نكون أقرب للفطرة النقية المسالمة المتصالحة مع محيطها، وهناك من يبحث عن الحب في تجارب الآخرين ومعاناتهم وعباراتهم فتجده يهرب من الواقع الحقيقي الى عالم من الخيال، وقد يؤدي ذلك الى شقاء النفس والألم والمعاناة وقد ينتهي الى المجهول، فالحب والحنان هما الزاد للسعادة وليس كل ما في الحب جميل فهناك حب التملك الذي ينبع من الأنانية، كذلك حب الجبروت وحب التسلط وحب الظلم وهذا يهدي الى الضلال وقسوة القلب.. فالحب الذي يكون خاليا من الشوائب مثل شوائب الأنانية والضرر هو الحب الذي يجب أن يكون عليه، فالحديث عن الحب ذو شجون والحب أكسجين الحياة، وكلمة الحب بإمكانها أن تذيب الجليد بدفئها وتعصر الغيوم لتمطر وتبعث الربيع ليكتسي بداخل أرواحنا. فالاعتراف بالحب اعتراف بالحق وبر الوالدين حب، وصلة الرحم حب، وزيارة المريض حب، صدقة جارية وماء سبيل كلها نتاج الحب ونقاوة السريرة، وكما أن التعبير عن الحب لا يقتضي الوقوع به وإنما الإيمان بأننا مأمورون بالاستمتاع بما خلق لنا ولم يخلق لنا أسمى من الحب، وأسمى الحب حب الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فالحديث عن الحب يطول فهوا ليس عيبا ولا عارا، فالحب ثقافة والحب يبعث الأمل ضد اليأس والحب تحالف ضد المتجبر، الحب الصافي النقي الذي لا يعترف بكل الفوارق الطبقية، ويكون السخاء والعطاء هو ذلك الحب المنشود. أعجب لقلب لا ينبض بالحب.