حفل الأمارة الترحيبي الذي أقامته أمارة منطقة الباحة ترحيباً وإسقبالاً وإستبشاراً بالمقدم الميمون لصاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة لم يكن حفلاً عادياً على الإطلاق .. فقد فاق بمضامينه الرائعة .. وأدبياته الراقية .. ومعانيه السامية .. كل وصف وقول .. إنني هنا لا أتحدث عن أشخاص .. ولا عن مكان .. ولا عن تنظيم وإدارة .. وإن كان الحفل رائعاً في كل ذلك .. إلا أنني أتحدث عن الحفل من جوانب أسمى وأصدق وأدق تفصيلا .. حتى وإن ذكرت بالإسم من إستحق أن يذكر فيشكر .. فلا ضير في ذلك .. لكن حديثي هنا في الأساس عن نواحي جوهرية .. ما كان لي وقد شاهدتها ولمستها أن أتجاوزها أو أتجاهل الحديث عنها .. لقد ظهرت في حفل أمارة منطقة الباحة بجلاء صور زاهيه من الحب والإحتفاء والوفاء .. وما أجملها من صور معنوية ترتبط بالجوهر .. الذي يدل على معدن الرجال .. والذي يعتبر المقياس الحقيقي لإنسانية الإنسان .. ونقاء سريرته .. وطيب معشره .. وسمو نفسه .. كان الإحساس بغياب الأمير محمد بن سعود حاضراً .. والإعتراف بحبه معلناً .. والعرفان بخدمته لمنطقة الباحة وأهلها واضحاً .. وكان وفاء الجميع لسموه ظاهراً .. وبمعنى آخر فقد كان الأمير محمد بن سعود حاضراً في قلوب الحاضرين .. وراسخاً في أذهانهم .. بسيرته العطره .. وذكره الحسن .. وأثره الجميل .. الذي تركه على المنطقة مكاناً وإنساناً .. وستظل كل هذه المشاعر الصادقة باقية في النفوس .. وستظل الألسن تلهج لسموه بالدعاء بتمام الصحة وموفور العافية .. ولم ولن يكون صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بعيد عن الإحساس بكل هذه المشاعر الجياشة .. فقد أكد الأمير الدكتور فيصل بن محمد .. لأهالي منطقة الباحة (في حفل عيد الفطر الماضي) : أن سمو الأمير محمد بن سعود سيقضي بقية حياته في المنطقة نظرا لحبه لها ولأهلها ، ولما لقيه من حب متبادل1) .. وكان حب الناس للأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز ؛ أريج المكان .. ووهج الزمان .. وحقيقة الإنسان .. لقد كان حب أهالي المنطقة (ممثلين في ضيوف الحفل) لسمو الأمير مشاري بن سعود أسرع من نظرهم إليه .. وراح بدماثة خلقه .. وبأدبه الجم .. وبعظيم تواضعه .. وبصدق وفاءه لسلفه .. وعمق إحترامه لسمو نائبه .. راح بهذه المعاني النبيله .. يرسخ في قلوب الجميع محبتهم له .. ويصوغ في نفوسهم أسس وفائهم لسموه .. ويغرس في دواخلهم جملة من القيم الإنسانية .. التي تجعل من المسؤول والموظف والمواطن إنساناً حقيقياً يفيض إنسانية وصدقاً وحباً ووفاءً .. فلا يجور ولا يظلم .. ولا يتعالى ولا يتكبر .. ولا يغتر ولا يحقر .. فتسود بذلك ثقافة الإنصاف .. وإعطاء كل ذي حقٍ حقه .. وهو ما يحتاجه الوطن – وليس الباحة فحسب – ليقوم كل من المسؤول الكبير .. والموظف الصغير .. ومن بين ذلك .. والمواطن أياً كان مستواه .. ليقوم كل منهم بدوره .. حتى تتحقق التنمية .. وتحفظ الكرامة .. ويسود العدل .. وأنعم بها من قيم .. وأنعم بالقائد والمسؤول حين يكون هو القدوة في ذلك .. والمؤسس له .. والمُوَجِّه إليه .. كما كان صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود في ذلك المساء المعطر بنبل النبلاء .. وشهامة الأوفياء .. وكان الأمير مشاري حقيقة نبيلاً .. وشهماً .. ووفياً .. وكان في ذلك قدوة حسنة بعمله ومشاعره .. وكان في قوله ما يصدق كل ذلك إذ دعى منسوبي الأمارة صراحة أن يكونوا في مستوى المسؤولية الملقاة على عواتقهم .. وكان إحتفاء ووفاء الأمير الدكتور فيصل بن محمد حاضراً .. وكان الرقي في الوفاء والإحتفاء سيد المكان .. إحتفاء سموه بالأمير مشاري بن سعود .. ووفاءه للأمير محمد بن سعود .. وكان الأمير الدكتور فيصل بن محمد رائعاً في الأمرين .. رائعاً في إحتفاءه بالأمير مشاري بن سعود .. الإحتفاء الذي لم يخلو من حب ووفاء وصداقة .. وكان رائعاً في وفاءه للأمير محمد بن سعود .. الوفاء الذي لم يخلو – ولا ريب ولا شك – من حب وإحتفاء وبنوة .. فكان الأمير فيصل بن محمد في كل الأحوال وفياً ومحباً ومحتفياً بالصديق والوالد .. وكان رائعاً بصدق ووضوح .. ظهر ذلك في كلمة سموه .. وعبَّرت عنه شفافيته .. كنت المح ذلك في وجه سموه .. حين يذكر الحبيبين .. الحبيب الوالد الأمير محمد بن سعود .. ووالحبيب الصديق الأقرب إلى نفسه .. الأمير مشاري بن سعود .. فكان الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود قمة في الوفاء والإحتفاء .. وكان سموه قمة في الإحتفاء والوفاء .. لا فرق على الإطلاق .. فقد إنصهر المعنيان في بعضهما بكل حب وصدق ونقاء .. كيف لا وقد قال في كلمته إن شاهدتي في الأمير مشاري مجروحة .. وقال في حفل معايدة الأهالي : (إن شهادتي في سموه مجروحة كونه في منزلة والدي وفي الوقت نفسه يعتبر صديقي2) .. وكان أهل الباحة في تلك الليلة نجومٌ متلألئة في سماء الحب والوفاء وصدق الإحتفاء .. وكان حاضرهم يمثل غائبهم .. في ذلك .. وكبيرهم ينوب عن صغيرهم .. إنها حقيقة زاهية .. وصفحة نقية ناصعة البياض .. وخصال حميدة .. وحبٌ .. ونبلٌ .. ووفاء .. ومشاعر تحلى بها الجميع .. المحتفى به .. والمحتفي .. والحضور .. وشعر بها .. كل من أولى الجانب الإنساني في الحفل إهتمامه .. فشكراً للجميع .. وجزيتم من الله خيراً .. ومن الناس حباً ووفاءً .. ___________________________ (1 ،2) صحيفة المدينة