سواء شاهدت مسلسلات على قنوات مصرية أو سعودية أو خليجية فإن الإعلان التجاري يترصدك ويفسد عليك متعة المشاهدة والإثارة المُحتملة. على بعض القنوات، المصرية بالذات، تشاهد خمس دقائق بالكثير من المسلسل الدرامي الذي ينقطع فجأة ليبدأ بث مسلسل آخر، يستغرق أحياناً ثلاثين دقيقة، هو مسلسل الإعلانات. وهذا يؤدي، في الغالب الأعم، إلى تناول (الريموت) والانتقال إلى قناة أخرى، مع احتمال كبير لعدم العودة إلى المسلسل الذي كنت تشاهده. وهذا، بالمناسبة، ما لم نعرفه أو نسمع به من قبل من رواد صناعة الإعلام والدراما حتى في عز الهجمات الإعلانية في بعض المراحل. كان هناك ميزان إعلامي دقيق يضبط المحتوى الإعلاني حتى لا يعتدي بصورة جائرة على المحتوى الدرامي لأن الأخير يفقد قيمته، كما هو حاصل الآن، إذا كان سيمثل من حصة تلفزيونية مدتها ساعتان ما لا يتجاوز عشرين دقيقة. في قنوات الدراما والمنوعات الأجنبية، الأمريكية والأوروبية بالذات، هناك إصرار إلى الآن على احترام جلوس المشاهد أمام شاشة التلفزيون. وهذا الاحترام للمشاهد أدى إلى خلق عرف إعلامي يشبه القوانين، تقاس فيه مساحة الإعلان التجاري بمسطرة دقيقة جداً؛ بحيث لا يعتدي على حق المشاهد في المتعة والمتابعة للمسلسل أو الفلم الذي يعرض. أما التعامل مع هذه (الإشكالية)، إذا جاز أن نسميها بذلك، فيتم من خلال جملة قرارات وإجراءات حاسمة تتضمنها سياسة إدارة المحتوى في القناة التلفزيونية. وأول هذه الإجراءات وأهمها أن تضع القناة معايير للإعلان الذي تقبل عرضه والإعلان الذي لا تقبل عرضه، وبالتالي تحدد زبونها ومستواه وتحدد قيمة الإعلان بناء على ذلك. يعني ليس هناك قناة تلفزيونية تحترم نفسها ومشاهدها تعلن عن سيارات فخمة وتقبل، في نفس الوقت، إعلاناً عن التخفيضات في البقالة المجاورة. القناة التي تفعل ذلك ليس لديها معايير ولا سياسة لإدارة المحتوى. وبالتالي لا يمكن تصنيفها من المشاهد على أنها جديرة بالاحترام والمتابعة. وهذا هو حال أغلب القنوات التلفزيونية العربية التي تعبئ بطونها بكل صنوف الإعلانات دون تفرقة بين مستوى الإعلانات والمعلنين، ودون اعتبار لوقت المشاهد الذي خصصه للجلوس أمامها. هناك بالفعل فقدان للاحترافية في هذا المجال؛ ما يتطلب مراجعة دقيقة وحصيفة تكون مادتها مسلسلات وإعلانات هذا العام أو هذا الرمضان.