ظهرت خلال الشهور الماضية تحولات جذرية على المشهد الاقتصادي العالمي. ولكن هناك أربعة عوامل رئيسة للاقتصاد الكلي ستكون لها تأثيرات هائلة على الاقتصاد الأمريكي، هي القيمة النسبية للدولار، وقانون الضرائب الأمريكي الجديد، وإعادة التفاوض حول اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، والتعريفات الأمريكية على مجموعة من الواردات، ومن بينها الألومنيوم والصلب. وبحسب تقرير لمجلة (إندستري وويك) ستكون لهذه العوامل آثار متلاحقة على قطاع الصناعة الأمريكي، وسيكون على الجميع ربط الأحزمة والاستعداد لنوبات أخرى قادمة. يواصل قطاع الصناعة الأمريكي الاستفادة من تقييمات العملات، التي جعلت صادرات الولاياتالمتحدة أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية. فخلال ال12 شهرًا الماضية، انخفضت قيمة الدولار الأمريكي بنسبه 7% بالنسبة لسلة تضم 16 عملة أجنبية تمثل الغالبية العظمى من التجارة العالمية. ومن شأن هذا الانخفاض أن يجعل الصادرات الأمريكية أكثر جاذبية مقارنة بالمنتجات المتنافسة المقومة بعملات أخرى غير الدولار. ومع ذلك فالتوقعات السائدة بقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة على المدى القصير لثلاثة أضعاف خلال العام الحالي يمكن أن تشكل ضغطًا تصاعديًا على الدولار (ارتفاع أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة يسهم في جذب الاستثمار الأجنبي، ما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملة الأمريكية وقوة الدولار). غير أن السياسة المالية للولايات المتحدة قد تؤدي إلى تقليص آثار ارتفاع أسعار الفائدة. ومن المحتمل أن تؤدي كل من التخفيضات الضريبية التي تم إصدارها في ديسمبر الماضي، والميزانية الاتحادية التي رفعت مستويات الانفاق إلى زيادة العجز السنوي في الميزانية. وأظهر تقرير الأعمال الصادر في مارس الماضي أن قطاع الصناعة ينمو بقوة للشهر ال19 على التوالي. وقد تجلى ذلك بشكل خاص في الرقم القياسي لطلبات التصدير الجديدة الذي سجل 58.7% في مارس الماضي. ويتيح قانون التخفيضات الضريبية الذي صدر في ديسمبر 2017 للصناعة الأمريكية فرصة اقتصادية كبيرة؛ لأنه يخفض معدلات الضرائب. وبالتالي سيؤدي الجمع بين الضرائب المنخفضة والتكنولوجيا المتقدمة والقوى العاملة عالية المهارة إلى خلق حافز حقيقي للشركات للتصنيع داخل الولاياتالمتحدة بدلا من التوجه نحو الخارج وبيع منتجاتها على المستويين المحلي والدولي. ويدعم ذلك في الوقت نفسه استراتيجية إنشاء شبكات توريد إقليمية داخل الولاياتالمتحدة. وفرضت الولاياتالمتحدة في مارس الماضي تعريفات جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على واردات الألمنيوم من جميع البلدان باستثناء كندا والمكسيك. وعلى الرغم من الأضرار التي ستصيب شركات صناعة السيارات ومستهلكي الصلب، إلا أنه يجري الترويج لحجة مفادها أن موردي الألومنيوم والصلب الأمريكيين يتضررون أكثر في ظل الإغراق المقصود من قبل بلدان أخرى داخل السوق الأمريكية. وتثار تساؤلات حول ما إذا كانت التعريفيات مجرد إداة ضغط للتفاوض بشأن قضايا أخرى، مثل تراكم الإنتاج الصيني على الصعيد العالمي. ويخلص التقرير إلى أن كل هذه التحولات الجوهرية تضاعف من حجم التحديات أمام الاقتصاد الأمريكي، لا سيما بالنسبة لقطاع التصنيع، ولكنها بمثابة فرصة ثمينة للنجاح في ظل مرونة سلاسل التوريد والاقتصاد الأمريكي وفوق كل ذلك الروح الأمريكية.