وصف الرئيس دونالد ترامب قراره الأخير بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم وبعض السلع الصينية بأنها وسيلة لدعم العمال وإنعاش الاقتصاد الأمريكي. ولكن الحقيقة المغايرة التي كشفتها دراسة حديثة أصدرتها «مؤسسة الضرائب» وهي مؤسسة بحثية مستقلة ومقرها في واشنطن، أن التعريفات الجديدة لترامب لن تضر فقط بالاقتصاد الأمريكي، ولكنها أيضا ستؤدي بمرور الوقت إلى فقدان عشرات الآلاف من الوظائف. ويقول الخبراء: إن فرض تعريفة جمركية بمقدار 25 في المائة على الواردات الصينية التي تقدر بنحو 150 مليار دولار سيحقق فوائد تقدر بنحو 37.5 مليار دولار، ولكن في الوقت نفسه سيؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي والأجور بنسبه 0.1 في المائة، بينما سيؤدي إلى فقدان نحو 79 ألف وظيفة بدوام كامل على المدى الطويل، كما سيجعل النظام الضريبي الأمريكي التصاعدي غير متوازن. وتقول الدراسة إن الأدبيات الاقتصادية تؤكد على أن التجارة الحرة تزيد من مستوي الناتج الاقتصادي والدخل بصفة عامة، بينما وعلى العكس من ذلك، فإن الحواجز التجارية تحد من الناتج الاقتصادي والدخل. كما تؤكد الأدلة التاريخية أن التعريفات ترفع الأسعار وتخفض الكميات المتاحة من السلع والخدمات على مستوى الشركات والمستهلكين في الولاياتالمتحدة، مما يؤدي إلى انخفاض الدخل، وتقليص حجم العمالة، وانخفاض الناتج الاقتصادي. وبالتالي يمكن أن تُخفض التعريفات الإنتاج الأمريكي من خلال بضع قنوات. ومن بينها أن التعريفة يمكن أن ينتقل أثرها إلى المنتجين والمستهلكين في صورة أسعار أعلى. ويمكن للتعريفات أن ترفع تكلفة قطع الغيار والمواد، مما سيرفع أسعار السلع اعتمادا على تلك المدخلات، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى خفض إنتاجية القطاع الخاص. وسيؤدي ذلك إلى تقليص دخول أصحاب رؤوس المال والعمال على السواء. وبالمثل فإن ارتفاع الأسعار على المستهلك بسبب التعريفات الجمركية من شأنه أن يخفض قيمة الدخول بعد احتساب القيمة الضريبية لكل من اليد العاملة والدخل الرأسمالي. وفي ظل هذه الأسعار المرتفعة ستخفض عوائد العمالة ورأس المال، مما سيحفز الأمريكيين على العمل والاستثمار بقدر أقل، وهو سيؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض الإنتاج. والبديل الثاني رفع قيمة الدولار الأمريكي استجابة لآثار التعريفات، وتعويضا عن زيادة الأسعار المحتملة على المستهلكين في الولاياتالمتحدة. ومع ذلك، ستظل قيمة الدولار المرتفعة عائقا أمام بيع المصدرين سلعهم في السوق العالمية، مما يؤدي إلى انخفاض ايراداتهم. وسيؤدي ذلك بالتبعية إلى انخفاض الإنتاج والدخل في الولاياتالمتحدة لكل من العمال وأصحاب رؤوس الأموال، مما سيحد من حوافز العمل والاستثمار، وفي النهاية تقليص حجم الاقتصاد. ويقول المحللون: إن النشاط الاقتصادي لكل من المستهلكين والشركات سينخفض في كلتا الحالتين. ولأن انخفاض النشاط الاقتصادي سيتبعه انخفاض في التوظيف، لأن الشركات بصفة عامة تستثمر أقل دائما في العمل. وبحسب الدراسة فإن العبء الاقتصادي لهذه التعريفات سيكون من نصيب الأسر الأمريكية القليلة والمتوسطة الدخل. وبحسابات إحصائية فإن هذه التعريفات ستخفض الدخول بعد خضم الضرائب بنحو 0.24 في المائة لكافة دافعى الضرائب بينما ستجعل النظام الضريبي التصاعدي غير متوازن، حيث ستخفض دخول 80 في المائة من الفئات الأقل دخلا بنسبه 0.25 في المائة وبنسبه 0.23 في المائة ل 20 في المائة من الفئات الأعلى دخلا. وستشهد نسبة 1 في المائة من دافعي الضرائب الأعلى دخلا انخفاضا في الدخل بعد الضرائب يقدر بنحو 0.2 في المائة فقط. وبالجملة فإن الإيرادات بعد خصم الضرائب ستشهد انخفاضا في ظل تدني الناتج الاقتصادي، مما سيؤدي مع الوقت إلى دخول أقل. وتنتهي الدراسة إلى أن تكاليف التعريفات المقررة مؤخرا ستكون بالفعل حادة على كافة المستويات، ولكن الأضرار ستكون أكثر فداحة إذا قررت إدارة ترامب المضي قدما بنفس النهج بإجراءات تجارية مماثلة.