غداً بإذن الله هو اليوم الأول لشهر رمضان المبارك لهذا العام، والذي أسأل الله فيه أن يبلغنا إياه وأن يتقبل منا جميعا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وكل عام والجميع بكل خير. خصّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان بفضائل كثيرة فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، شهر فيه ليلة خير من ألف ليلة، شهر الانتصارات والفتوحات، شهر الألفة والمحبة والتسامح، شهر الصدقة والكرم والعطاء، فقد كان رسول الله جوادًا كريمًا وكان أجود ما يكون في رمضان حتى يكون في عبادته وعمله كالريح المرسلة، وإذا دخلت العشر الأواخر شمّر عن ساعديه وأحيا ليله، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم، يدعون الله أن يبلغهم شهر رمضان حتى يغتنموا ما فيه من الخيرات والحسنات. تتضاعف الحسنات فيه أضعافًا كثيرة، فأجر الخير فيه ليس كالأجر في سواه من الشهور، فالحسنة تتضاعف حتى تصل سبعين مرة مما ينبغي على المسلم أن يشمّر عن ساعديه حتى يستزيد من الحسنات والثواب. شهر رمضان هو شهر تهذيب النفس والأخلاق، شهر البداية لعمل الأعمال المحببة إلى الله والتعود على القيام بها لكي يسهل الاستمرار عليها بعد شهر رمضان المبارك، فقد كان رسول الله شديد الحرص على توصية اصدقائه بحسن الخلق ومكارم الأخلاق، فالمعاملة الحسنة تجعل الإنسان أقرب ممن حوله كما يستطيع الوصول إلى قلوب من حوله، كما أن مكارم الأخلاق تكسب الإنسان سعادة الدنيا وفلاح الآخرة، فحسن الخلق عند الله تمامًا كعظمة القيام والصيام، حيث ان حسن الخلق يقيد صاحبه من ارتكاب المعاصي، فالأخلاق هي عنوان الشعوب وقد نادت بها جميع الأديان المختلفة، فهي ميزة مهمة وأساس كل حضارة تتميز بها عن غيرها من الحضارات فللأخلاق دور كبير في تغيير الواقع كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال أمير الشعراء:وإنما الأمم الأخلاق مابقيت... فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا، وفي المقابل نجد أن الإنسان الذي لا يتمتع بمكارم الأخلاق فهو لا يحظى بأي سعادة وبخاصة المجاهرون بالفساد الذين يحللون الحرام ويجاهرون به عيانًا أمام مرأى ومسمع الناس، ضاربين بكل قيم ومبادئ مجتمعنا المحافظ عرض الحائط، غير آبهين بمكانة بلدنا الدينية وبتماسك مجتمعنا، تأتي هذه الفئة تجاهر به من باب الحرية الشخصية، اختلط عليهم مفهوم الحرية الشخصية بالخطوط الحمراء التي يجب على كل من يعيش على هذه الأرض أن يتوقف عند حدودها وأن لا يتعداها، ينبغي علينا التكاتف جميعًا والتمسك بوحدتنا وهويتنا الإسلامية وعدم السماح لكائن من كان المساس بقيمنا وزعزعتها وخصوصا في زمننا هذا الذي تداخلت فيه الثقافات والعادات الغريبة، فحسن الخلق هو سبب نهوض المجتمع والرقي به، فهو تتوارثه الأجيال على مر العصور. 77huda@