كان أداء سوق الأسهم السعودية في مستهلّ جلسات الأسبوع المنصرم مستمراً في التذبذب الضيق الذي ساد التداولات خلال الأسبوعيَن الماضييَن, لكنه استطاع خلال جلسة الأربعاء الماضي أن يتّخذ مساراً واضحاً وذلك بعد التراجعات التي اجتاحت الأسواق الآسيوية والأوروبية , وقد ارتفعت حدة تذبذب المؤشر العام خلال الأسبوع الماضي لتصل لحوالي 146 نقطة أي بنسبة 2% مقارنةً ب 0.9% في الأسبوع الذي قبله , وبقيَم تداولات وصلت إلى 26.9 مليار ريال أي بانخفاض عن الأسبوع الذي قبله بواقع 4.9 مليار ريال تقريباً , وهذا التراجع يشير إلى أن الهبوط الحاصل في السوق هو عبارة عن تصحيح سعري فقط وليس مسارا هابطا رئيسيا وذلك لوجود قناعة لدى المتداولين أن أسعار الأسهم الحالية هي أسعار شرائية بامتياز وأن الوضع الداخلي لا يثير أي نوع من أنواع القلق . أهم المؤثرات الخارجية لازالت الأحداث الدراماتيكية للأزمة السيادية لدول الاتحاد الأوروبي مستمرة وفي آخر تطوراتها المظاهرات الحاشدة في أسبانيا بسبب الخطة التقشفية والتي أقرتها حكومة ماريانو راخوي , ومما زاد الأزمة الأسبانية تعقيداً استغلال سكان إقليم كاتالونيا هذه التطورات في إحياء حلمهم القديم في الاستقلال مما دفع ملك أسبانيا خوان كارلوس إلى إلقاء كلمة تهدف إلى تهدئة الأوضاع وتحذّر في الوقت نفسه من أية أفكار انفصالية عن الدول الأم. وكل هذه الأمور تترافق مع احتمالية طلب الحكومة الأسبانية من البنك الأوروبي خطة إنقاذ وذلك حتى تتمكّن حكومة أسبانيا من التدخّل لشراء سنداتها ذات الثلاثة أعوام والعشرة أعوام خلال المزاد الذي اُقيم يوم الخميس الماضي وذلك بعد الانخفاض الحاد في عوائد سندات أسبانيا قصيرة الأمد وحتى لا ترتفع العوائد على السندات ذات الأمد البعيد . وهذه الأحداث ترمز إلى ارتفاع التوقعات التي تشير إلى إعلان إفلاس القطاع المصرفي الأسباني والذي هو حجر الزاوية في هذه الأزمة , هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والتي باتت قريبة من نسبة 25% من سكان أسبانيا والبالغ عددهم 46 مليون نسمة (أي أن أكثر من 11 مليون نسمة عاطلون عن العمل). ومن أهم المؤثرات الخارجية إعلان مصرف اليابان المركزي أنه سيوسع نطاق برنامج شراء الأصول إلى 80 تريليون ين بدلاً من 70 تريليون وذلك في خطوة تهدف إلى مساعدة أكبر ثالث اقتصاد في العالم في ظل التباطؤ العالمي السائد وارتفاع قيمة صرف الين مقابل العملات الأخرى . أهم المؤثرات الداخلية لا تزال أحداث إعلان مجموعة محمد المعجل هي حديث المتداولين ويتساءلون عن الشركات المرشحة أن تحذو حذو المعجل في خسائرها والتي فاقت 75% من رأس المال , وقد أثّر ذلك سلباً على أداء بعض الشركات ( المتردية الأوضاع) مثل بعض الشركات قطاع التأمين , لذلك من المتوقع أن يكون اتجاه المستثمرين خلال الفترة القليلة القادمة – وقبل إعلانات الربع الثالث – نحو الشركات الرابحة وذات العوائد وذلك لتحقيق بعض المكاسب من خلال التوزيعات المرتقبة من هذه الشركات. أيضاً من أهم الأحداث الداخلية أن أسعار المنتجات البتروكيماوية لا زالت تحقق أسعارا عليا على صعيد السوق الدولية مما سيدفع شركات قطاع الصناعات البتروكيماوية إلى تحقيق أرباح جيدة خلال الفترة القليلة القادمة – تحديداً خلال إعلانات الربع الثالث من هذا العام – ومن أهم المنتجات المرتفعة البولي بروبلين وMTB التحليل الفني من خلال النظر للرسم البياني للمؤشر العام نجد أن التباطؤ الحاصل خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في حركته ما هو إلا تهيئة لتصحيح سعري قادم وقد تحقق ذلك بالفعل خلال جلسة الأربعاء الماضي بعد كسر دعم 7,100 نقطة ومن المتوقع أن يستمر هذا التصحيح حتى دعم 6,942 والذي يُعتبر الدعم الأول للمؤشر خلال الأيام القادمة وعند كسره نزولاً فذلك يعني التوجه للدعم الثاني 6,867 , ولا يمكن الجزم بإيجابية السوق إلا باختراق قمة 7,179 لأكثر من يومين وبقيَم تداولات تفوق سبعة مليارات ريال . أيضاً نجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية في مرحلة تأسيس سعري بعد أن لامس المقاومة الأولى عند 6,270 نقطة وذلك للتحفيز للوصول لمناطق أعلى بشرط احترام دعم 6,000 نقطة ويدعم هذه الفرضيّة تحسّن أسعار المنتجات البتروكيماوية ووصول بعض شركاته إلى دعوم تاريخية فنية وإعطاء بعض إشارات بناء المراكز الاستثمارية , كذلك الحال على قطاع الطاقة والاتصالات والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والفنادق. في المقابل نجد أن قطاع المصارف هو الأشد ضغطاً على المؤشر العام خلال الفترة القليلة الماضية وذلك بسبب ارتفاعاته القوية السابقة , ومن المتوقع أن يستمر هذا الضغط خاصة عند كسر دعم 15,500 ولا يُلغى هذا السيناريو السلبي إلا في حال تجاوز القطاع مقاومة 15,800 نقطة, كذلك نجد السلبية ظاهرة على قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والاعلام.