قال الدكتور محمد بن عبدالحميد القطاونة أستاذ العقيدة والدعوة المساعد كلية الآداب - قسم الدراسات الإسلامية – جامعة الملك فيصل في محاضرته التي استضافها النادي الادبي بالاحساء وقدم لها احمد مبارك الحليبي ان دراسته عن الفن في الفكر الاسلامي تسعى في محاولة منها للوقوف على الرؤية الفكرية الفلسفية للفن الإسلامي المنطلقة من روح التوحيد, بوصفه نسقاً متناغما منسجماً مع هذا التصور, وليس شاذاً أو منحرفاً عنها وبسبب سيطرة الفكر الغربي القديم منه والحديث على الحقل التداولي المعرفي لبنية العقل الفني واعتباره أساساً تنطلق منه جميع الفنون. مبينا ان هذه الدراسة قامت بالنظر والتأصيل لبنية العقل الغربي للفن الذي ينطلق من التجسيد الوثني وينتهي بالإنحطاط الداروني, كذلك اجابت على من يدعي, بوقوف الفن الإسلامي عند حدود الزخرفة التزيينية, أو انه فن يندرج تحت مسمى الفنون الصغرى التطبيقية, أو أن الفن الإسلامي ليس إلا تطوراً للفن الروماني الهليني, واوضحت الدراسة منطلقات ذلك التناغم بين روح الفن وروح العقيدة الإسلامية, تلك العقيدة التي حررت الفن من القيد الوثني, لتسمو به, وتعمل من خلال التصور الإسلامي للوجود, لبناء حضارة جمالية. واستخدمت كما قال المنهج المقارن التحليلي البعيد عن التأويل المتعسف, والاجتزاء والبتر الذي يحول بيننا وبين رؤية الفكر الإسلامي للفن . وأضاف د.القطاونة: ان الفن والجمال والإبداع ليس إلا مرآة تعكس المحتوى الحضاري لأي تكتل حضاري, والعمارة قوة حضارية وكتاب مفتوح تسجل فيه الشعوب تاريخها وانجازاتها. والفن والجمال والإبداع في الفكر الإسلامي لم يكن يوما بعيداً عن هذا بل كان مؤثرا وملهما لغيره من الحضارات والأمم والشعوب بما يحمل من تصور منطلق من التوحيد في نظرته إلى الوجود. وليس الفن والجمال والإبداع إلا خصيصة إنسانية اختص الله بها الإنسان دون سائر الكائنات فبيوت العنكبوت والنمل وخلايا النحل صادرة عن عقل غريزي غير متطور من خلال ذاكرة لحظية وهكذا ستظل تلك البيوت والخلايا كما كانت عليها خارجة عن دائرة الزمن. وحول إشكالية الدراسة قال القطاونة : سعت هذه الدراسة للوقوف على إشكالية التصور الفكري الفلسفي للفن في الإسلام, أي الوقوف على الجانب التنظيري للفن في الإسلام, لذلك جاءت هذه الدراسة خارجة عن إطار الفقه الإسلامي (الحلال والحرام) إلى دائرة التنظير الفكري العقدي, وتجلياته وبصماته على الفن الإسلامي, حتى خرج بصورته المنسجمة المتناسقة مع دور الفن في هذا الوجود, وتحاول الدراسة الوقوف على إشكاليات الفن في الفلسفات والمذاهب والايدولوجيات المخالفة للوقوف على فلسفة وتصور الفن عند الآخر . وقال د.القطاونة إن الحديث عن الفن في الفكر الإسلامي وانسجامه مع روح العقيدة الإسلامية لا تكتمل صورته إلا بفهم واستيعاب بنية العقل الغربي قديما وحديثا وتصوره للفن, وذلك لما مارسه الفن الغربي من خلال الاستشراق, من تشويه حقيقي لصورة الفن, وليس ذلك فحسب, بل لسيطرة التصور الغربي على الحقل التداولي المعرفي لمفهوم الفن في العالم الإسلامي بل في العالم بأسره . وإذا ما تتبعنا تاريخ الفن القديم نجد أن الفن تلازم مع الإنسان, وكان الفن يستمد مواضيعه من الدين, واستمد الدين قوته بالفن وهكذا كانت العقائد قبل الإسلام وكان الفن. وفي ختام محاضرته قال : تعددت الانطلاقات في تعريف الفن الإسلامي بما يميزه ويجعله نسقا مميزاً عن غيره, فمنها من ينطلق من الفاعلية, ومنهم من ينطلق من المكان ومنهم من ينطلق من تصور الفن ذاته. نختلف كون الفن الإسلامي هو كل ما صدر عن الفنان المسلم بقطع النظر عن ارتباطه بالدين أم لا, لأن ذلك يفسح المجال لدخول الفنون الإسلامية الناتجة عن أفكار الفرق المنحرفة كالغنوصية والباطنية, في ساحة الفن الإسلامي . هذا وقد شهدت المحاضرة عددا من المداخلات والاسئلة التي اجاب عنها المحاضر.