«الفن الإسلامي: المفهوم والنشأة والجمالية» جديد منشورات كارم الشريف، للباحث والكاتب التونسي الدكتور محمد الكحلاوي المختص في الحضارة الإسلامية، يمثل هذا الكتاب ثمرة تجربة سنوات من الدراسة في الجامعة وحصيلة قراءات وبحوث واشتغال مستمر على متون الفن الإسلامي ومصادره ومحامله وفي الدراسات المنجزة حوله. يقع كتاب الكحلاوي في 250 صفحة من الحجم المتوسط ويحتوي على مقدمة وثلاثة فصول تناول في الأول منها مفهوم الفن الإسلامي وتحديد هويته ونشأته. فيما استعرض في الثاني قضية تحريم التصوير بين الإسلام والأديان التوحيدية الأخرى ودراسة أثرها في طبع مسار تاريخ الفن الإسلامي. وتناول في الفصل الثالث النظر في جماليات الفن الإسلامي وقراءة أبعادها الفلسفية الأنطولوجية والفكرية والروحية، وذلك من خلال دراسة جماليات المدينة العربية الإسلامية والزخرفة والرقش وجمالية التجريد في فن الخط العربي. لقد حاول الكاتب في هذا التأليف مواصلة البحث في إشكاليات الفن الإسلامي ودراستها استنادًا إلى ما توصل إليه الباحثون من استنتاجات وذلك رغبة منه في بناء معالم فلسفة للفن الإسلامي. وهذا أكده الكحلاوي في كتابه بقوله: إنه ورغم تقدم مناهج الدراسة والبحث واكتشاف الكثير من النصوص المرجعية الهامة فإن أغلب المنشغلين بالدراسات الجمالية وبحوث الفن الإسلامي لا يزالون عند خطاب البدايات يستخدمون مفاهيم غير مطابقة للمسار التاريخي الذي عرفه الفن في الحضارة العربية الإسلامية ويتبنون تصورات ورؤى تهاوت أسسها الفكرية ومن قبيل هذه الرؤى أن الفن الإسلامي إعادة إنتاج لفنون الحضارات السابقة على الإسلام أو تقليد لها مع شيء من التحوير أو أنه فن زخرفي نشأ نتيجة مبدأ التحريم “تحريم التصوير”، ونحت جماليته بالتحايل على التصوير التشبيهي دون أن يظهر بحث عن المصادر الأولى للتحريم أو يطرح السؤال عن حقيقة وضعه في الثقافة العربية الإسلامية. ويضيف الكحلاوي: إن فهم أسس البنية المعرفية للعقل العربي وآليات اشتغاله في الفلسفة وعلم الكلام والأدب من شأنها أن تساعد على فهم أسباب منع التصوير أو عدم إعلان ممارسته في المجال العربي الإسلامي ومن ثم إدراك طبيعة الشروط المعرفية التي توفر إمكانية نحت معالم فهم أعمق لروح الفن الإسلامي وقراءة جمالياته التي تتجاوز غرض الزينة والديكور أو الترفيه إلى نقل رؤية متناغمة في عمقها الفكري ترتبط بمعنى الكائن في الحضارة العربية وفلسفته في الحياة والوجود. كما تحدث المؤلف عن موضوع الكتاب وأهميته رغم وجود العديد من المؤلفات والدراسات والبحوث حول الفن الإسلامي وتاريخه قائلاً: إن مشكلة تحديد مفهوم «الفن الإسلامي» ووضعه في سياقه المرجعي مسألة لم يدرك إشكالياتها وملابساتها الحقيقية إلا قلة ممّن وضع مصطلح «الفن الإسلامي» وسياقه التداولي موضع مساءلة ونقد استنادًا إلى المفاهيم المعاصرة لعلم الجمال وفلسفة الفن والسيميائيات وغيرها من مكتسبات حقول المعرفة. ولعل هذا حسب قول المؤلف يستوجب اطلاعًا واسعًا على أمهات مصادر الثقافة العربية في الفلسفة والتصوّف والأدب بحثًا عن معانٍ وتصورات للفن والجمال اختصت بها هذه المصادر. ويرى المؤلف أن مشكلة تحديد المفهوم هي المدخل إلى كل معرفة وفلسفة أو تفكير اسطيقي يروم فهم الأبعاد الجمالية للأثر الفني وقراءاته من جهة علاقته بالإنسان والوجود.