أوقعت احتجاجات في أنحاء عدة في العالم، الاثنين المزيد من الجرحى والقتلى، مع تنامي الغضب في أوساط المسلمين، من فيلم يسخر من النبي محمد. ففي أفغانستان هاجم متظاهرون أفراد الشرطة على طول الطريق المؤدية إلى السفارة الأمريكية في كابول، الاثنين، ما أثار شبح جولة جديدة من أعمال العنف التي هزت البعثات الدبلوماسية الأمريكية وبدأت في ليبيا. وقال مسؤول كبير في الشرطة الأفغانية إن ما لا يقل عن 15 شرطيا أصيبوا، وتم حرق سيارتين للشرطة عندما نفذ نحو 300 شخص احتجاجا، في المحيط الخارجي لمنطقة تحوي عدة سفارات أجنبية. وفي باكستان، قالت الشرطة إن إطلاق النار تسبب في مقتل شخص واحد، بعد أن اشتبكت الشرطة مع المتظاهرين المحتجين على الفيلم المعادي للإسلام في شمال غرب باكستان، يوم الاثنين. أفاد بلاغ للديوان الملكي أن الملك ندد أيضا خلال مباحثات هاتفية مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ب«الاستفزازات المريبة وغير المقبولة التي تستهدف القيم المقدسة للدين الإسلامي». وفي السياق, ذكر تقرير إخباري امريكي الاثنين أنه بعد مرور أيام من أزمة المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم الاسلامي، بدأت حكومات المنطقة الأحد تتطلع لأسبوع ينطوى على محاولة عمل موائمة غير سهلة بين غضب شعوبها ورغبة تلك الحكومات في اقناع واشنطن بحسن نواياها. وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على موقعها في تقرير لها من القاهرة إن البعثات الدبلوماسية الأمريكية لا تزال عرضة للتهديد. وأوضحت الصحيفة نقلا عن متحدث أمريكي قوله إن السفارة الأمريكية في القاهرة استأنفت الأحد عملها بكامل أفرادها لأول مرة منذ تفجر الاحتجاجات الثلاثاء الماضى ضد الفيلم المسيء للإسلام الذي جرى انتاجه في الولاياتالمتحدة وأثار أزمة في العالم الاسلامي. إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن البعثات الدبلوماسية ظلت على مستوى منخفض في أماكن أخرى فى المنطقة ما يعني أن هناك مسارات قليلة لإصلاح العلاقات التي تواجه أكثر الفترات توترا منذ موجة التغيير الديموقراطي التي حملها الربيع العربي العام الماضي. وفي تونس، حيث تم نشر المزيد من قوات الأمن لحماية السفارة الأمريكية هناك، بدا أن قرار سحب الأفراد غير الضروريين من البعثة الأمريكية سبب ضيقا للمسئولين التونسيين الذين يروجون بأن بلادهم هى نموذج للتحول الديموقراطي بعد الاطاحة السلمية العام الماضي بالرئيس زين العابدين بن علي. وأكدت الصحيفة أن الزعماء في المنطقة يبذلون جهودا منذ تفجر الأزمة لتخفيف تلك المشاعر المعادية لأمريكا. احتجاجات وفي سياق الاحتجاجات, أعلنت الشرطة الأفغانية الاثنين أن مظاهرة فى كابول ضد الفيلم الأمريكي الذي يسخر من الإسلام تحولت لأعمال عنف عندما منعت قوة مكافحة الشغب المتظاهرين من الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة. وهذه تعد ثالث مظاهرة فى أفغانستان ضد الفيلم الذي عرض على شبكة الإنترنت وأثار موجة احتجاجات فى عدة بلاد مسلمة. وقال أيوب سالانجى رئيس الشرطة «ما بين 300 إلى 400 شخص معظمهم من صغار السن رددوا شعارات معادية لأمريكا فى الجزء الشرقي للمدينة على طريق كابول -جلال آباد السريع». وأضاف «بدأت المظاهرة سلمية ولكن بعد ذلك أضرم المتظاهرون النيران فى بعض المحال وألقوا الحجارة على الشرطة». وأشار إلى أن 50 رجل شرطة أصيبوا بإصابات طفيفة جراء إلقاء الحجارة كما أحرق المتظاهرون سيارة شرطة. وأضاف سالانجى أن المتظاهرين أطلقوا النار على رجال الشرطة ولكن لم يقع قتلى أو إصابات. وفي بيشاور, تظاهر آلاف الباكستانيين صباح الاثنين احتجاجا على الفيلم المسيء للاسلام بينما عززت الشرطة اجراءاتها الامنية خوفا من حالات فلتان جديدة مثل ما حدث الاحد في كراتشي. وقال المسؤول في شرطة بيشاور غل نواز خان لوكالة فرانس برس ان ما بين 2500 وثلاثة آلاف طالب واستاذ وموظف في جامعة محلية تظاهروا في شوارع عاصمة ولاية خيبر باختونخوا. واحرق المتظاهرون اطارات وعلما اميركيا واغلقوا احد الشوارع الرئيسية امام جامعة بيشاور. وفي كراتشي عززت الشرطة اجراءاتها الامنية قرب القنصلية الاميركية غداة تظاهرات عنيفة اسفرت عن سقوط ثمانية جرحى على الاقل، كما قال لفرانس برس قائد شرطة المدينة اقبال محمود. واكد امير فاروقي المسؤول الكبير في الشرطة المحلية ان «الطرق المؤدية الى القنصلية الاميركية تخضع لرقابة مشددة واقيمت حواجز لتجنب حوادث جديدة». وذكر صحافي من فرانس برس ان حاويات وضعت امام كل مدخل للقنصلية الاميركية. جاكرتا من جهتها, استخدمت الشرطة الاندونيسية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه امس الاثنين لتفرقة مئات المتظاهرين الذين احتشدوا أمام السفارة الامريكية في جاكرتا احتجاجا على فيلم مسيء للنبي محمد أنتج في الولاياتالمتحدة. وأظهرت لقطات عرضها التلفزيون على الهواء من مكان الاحتجاج اصابة رجل شرطة بحجارة ألقاها محتجون واحتجاز عدد محدود من المتظاهرين. وأحرق المتظاهرون علما أمريكيا. واستنفرت السفارات الغربية في أنحاء العالم الاسلامي وحثت الولاياتالمتحدة رعاياها على توخي الحذر بعد أيام من أعمال عنف بسبب الفيلم المسيء. الفلبين وفي الفلبين, تظاهر نحو ثلاثة الاف فيليبيني من المسلمين واحرقوا اعلاما اميركية واسرائيلية احتجاجا. واحتشد المتظاهرون في ساحة عامة في مدينة مراوي الجنوبية للتعبير عن غضبهم على الفيلم وداسوا اعلاما اميركيا واسرائيلية ثم احرقوها. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها «الاميركيون شيطانيون» واليهود الاسرائيليين (...) اعداء الامة الاسلامية» في المدينة ذات الغالبية المسلمة فيما دعا البعض الرئيس بنينيو اكينوا الى منع الفيلم. وقال اكينو للصحافيين ان ليس لديه السلطة لمنع الفيلم. واضاف «لا تنسوا انه في دستورنا لدينا حرية التعبير ولا يحق لنا بقوانين تحد من حرية التعبير». غير انه اضاف ان الجهاز الحكومي لمراقبة الافلام يمكن ان يمنع عرض الفيلم في الصالات او التلفزيون. استفزازات مريبة من جهته, أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن تعازيه للشعب والإدارة الأمريكيين في ضحايا «الهجوم الشنيع» الذي استهدف القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي الليبية وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وأفاد بلاغ للديوان الملكي أن الملك ندد أيضا خلال مباحثات هاتفية مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ب»الاستفزازات المريبة وغير المقبولة التي تستهدف القيم المقدسة للدين الإسلامي». ميركل من جهتها, ناشدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كافة الأطراف الاعتدال في الخلاف حول الفيلم المسيء للنبي محمد، الذي أنتج في الولاياتالمتحدة وأثار احتجاجات عارمة اتسم بعضها بالعنف أمام عدة سفارات غربية في العديد من الدول الإسلامية. وقالت ميركل الاثنين في برلين: «العنف ليس وسيلة للمناقشة... إننا نؤيد التعايش السلمي للأديان سواء في ألمانيا أو في جميع أنحاء العالم». وفي الوقت نفسه أوضحت ميركل أن حماية السفارات الألمانية أمر «لا غنى عنه». نيران الكراهية ويرى مؤرخ مصري أن الدين لم يكن في أي وقت سببا في الصراع بين الامم بل استخدم لتبرير أطماع اقتصادية وطموحات سياسية. ويقول قاسم عبده قاسم ان صورة الاخر لم تشهد ثباتا في تاريخ علاقة العالم الاسلامي بالغرب ولكنها تغيرت على مر القرون تاركة بصمات في التصور الذهني لدى كل من الطرفين عن الاخر. ويضيف في كتابه «المسلمون وأوروبا.. التطور التاريخي لصورة الاخر» أن الدين لم يكن السبب في الصراع بين الامم, وانما كان دائما المبرر والغطاء لاطماع الاقتصاد وطموحات السياسة. ويسجل أن فريقا من الغلاة والمتطرفين على كلا الجانبين.. المسلم والغربي يؤججون الان نيران العداوة والكراهية على الرغم من تجاور الطرفين جغرافيا ووجود تراث ديني مشترك مثل اتفاق الكتاب المقدس والقرآن حول قصص الانبياء والرسل اضافة الى وجود أماكن مقدسة بفلسطين للمسلمين والمسيحيين. وفي كتابه لا يعتبر قاسم الغرب أو المسيحيين كتلة واحدة اذ يرى أن المسيحيين الذين خضعوا للحكم الاسلامي عاملهم المسلمون معاملة طيبة وكانت مواقفهم تجاه المسلمين أكثر اعتدالا على الرغم من بقائهم على دينهم أما المسيحيون تحت الحكم البيزنطي فكانوا يحملون صورة عدائية تماما للمسلمين في حين كان الاسلام بالنسبة للمسيحيين في الغرب شيئا بعيدا. ويقول ان الازمة بين الطرفين ترجع الى عدم المعرفة اذ اقترن الجهل بالاسلام في أوروبا بعدم وجود مدارس علمانية حتى القرن الثاني عشر ولم يجد الاوروبيون ما يساعدهم على فهم الاسلام نظرا لان اللغة العربية كانت مجهولة في أوروبا على الرغم من وجود العرب في الاندلس.