اعتبر مسؤولون اميركيون ان الهجوم الذي استهدف القنصلية الاميركية في بنغازي بشرق ليبيا مساء الثلاثاء وقتل خلاله السفير الاميركي وثلاثة اميركيين اخرين، ناتج عن عمل مخطط له وليس عفويا. وافاد مسؤول اميركي فضل عدم الكشف عن هويته مساء الاربعاء ان الهجوم الذي نسب في البدء الى مسلحين غاضبين من فيلم مسيء للاسلام يبدو انه منسق وليس عمل حشد غاضب. وقال المسؤول "هذه هي الفرضية التي نعمل عليها في الوقت الحالي". واضاف ان المتطرفين استغلوا المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على الفيلم كذريعة للانقضاض على القنصلية الاميركية باسلحة خفيفة ولكن ايضا بقاذفات صواريخ. من ناحيته، اعلن مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الاميركي ان الهجوم يحمل بصمات تنظيم القاعدة. وقال لشبكة "سي ان ان" التلفزيونية "هناك تفاصيل لا تزال غير واضحة ولكنه يحمل بوضوح بصمات القاعدة". واضاف "منذ اشهر نرى القاعدة تبحث عن اهداف غربية في اي مكان في شمال افريقيا. رصدنا بعض النشاطات التي اتاحت لنا التفكير اليوم بان الامر يتعلق بمجموعة تابعة للقاعدة". وتحدث مسؤولون اميركيون طلبوا عدم الكشف عن اسمائهم عن "هجوم معقد" رافضين الافصاح عن هوية منفذيه.
وقتل السفير الاميركي في ليبيا كريس ستفينز وثلاثة اميركيين اخرين في هجوم استهدف القنصلية الاميركية في بنغازي ليل الثلاثاء احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام، واثار هذا الهجوم سلسلة ردود فعل مستنكرة في الولاياتالمتحدة والعالم. وقدمت السلطات الليبية اعتذارها الى الولاياتالمتحدة موجهة اصبع الاتهام الى انصار نظام القذافي السابق وتنظيم القاعدة عن الهجوم الذي ارتكب في الذكرى الحادية عشرة لهجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. وندد الرئيس الاميركي باراك اوباما بالهجوم "المشين"، مؤكدا في الوقت نفسه انه لن يتسبب بقطع العلاقات مع ليبيا. كما امر بمراجعة الاجراءات الامنية حول البعثات الدبلوماسية الاميركية كافة. واوضح مسؤول اميركي انه تم اجلاء العاملين في القنصلية الاميركية ببنغازي الى المانيا وتقليص التواجد الدبلوماسي الاميركي في طرابلس. كما ارسلت البحرية الاميركية سفينتين حربيتين الى السواحل الليبية "كاجراء وقائي فحسب"، بحسب ضابط اميركي رفيع. وبدأت الاحتجاجات على فيلم "براءة المسلمين" تتضاعف مع تجمعات امام البعثات الاميركية في الدارالبيضاء وتونس والخرطوم وصنعاء وطهران حيث تظاهر المحتجون امام السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الاميركية. ولليوم الثالث على التوالى تظاهر اسلاميون الخميس امام السفارة الاميركية في القاهرة بعد نداء من السلطات الى ضبط النفس. وكان الاخوان المسلمون دعوا الى التظاهر في مختلف انحاء مصر الجمعة.
واكد الرئيس الاميركي ان الهجوم لن يؤدي الى قطع العلاقات مع ليبيا، مشيرا الى ان ليبيين قدموا المساعدة للاميركيين ونقلوا جثمان السفير الى المستشفى. وتوعد اوباما بمحاسبة الفاعلين وامر بتنكيس الاعلام الاميركية على المباني العامة حتى الأحد. بدورها اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاربعاء ان مقتل السفير الاميركي تم على أيدي "مجموعة متوحشة ولكن صغيرة" في هجوم يجب ان "يهز ضمائر" الناس من كافة المعتقدات. وهجوم بنغازي هو الأسوأ على بعثة غربية في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في تشرين الاول/اكتوبر 2011. وهو دليل جديد على عجز السلطات عن ضمان الامن في بلد باتت فيه الميلشيات المسلحة تضع القوانين. واصدر مجلس الامن الدولي بيانا دان فيه ب"اشد التعابير حزما" الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي، وانزال متظاهرين العلم الاميركي عن السفارة الاميركية في القاهرة. وفي هذا البيان اعتبر اعضاء مجلس الامن ال15 ان هذه الاعمال "غير مبررة مهما كانت دوافعها ومرتكبوها". وقال رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف الاربعاء "نعتذر للولايات المتحدة وللشعب الاميركي ولكل العالم عما حدث ونحن والحكومة الاميركية نقف في صف واحد في مواجهة هؤلاء المجرمين القتلة"، واصفا الهجوم على القنصلية ب"الجبان" و"القذر". وعقد المؤتمر الوطني الليبي جلسته مساء الاربعاء في طرابلس رغم التوتر وانتخب نائب رئيس الحكومة المنتهية ولايته مصطفى ابو شاقور رئيسا للحكومة الانتقالية التي ستكون مهمتها الرئسية بناء الجيش والشرطة ووقف العنف.