يبقى للإعلامي الناجح في ميدان عمله سماته الخاصة به وخصائصه التي تميزه عن غيره من الكتاب والأدباء ومعاشر مثقفي المجتمع ليس لما تؤهله لأن يلج مناحي الشهرة ويستفيض من بريق الأضواء ووهج المعارف بقدر هيبة الكلمة وأمانة الرأي وجدية الطرح ورسالية العمل المناط عليه طيلة مسيرته الواقعية للإنجاز وللنجاحات المتتالية وأغراض الرسالة الفكرية الناهض التي راح في سبيلها الكثير من شباب الإعلام وكبار مخضرميه . وكم اعلاميا واعلامية دفعوا أرواحهم وسفكت دماؤهم في سبيل ايضاح حقيقة والكشف عن ستار قضايا أمم ومصير شعوب فكانت تلك الدماء الزاكية جذوة حق ونبراسا مضيئا وزيوت النصر لقناديل الفرج المرتقب وفق فجر الحرية وشمس الارتقاء بآدمية البشر وبشرية الإنسان وإنسانية الأداء وتبقى خصائص ذلك الإعلامي الثائر أو ما يسمى في أعراف الحرية بالإعلامي الشريف وقود من وصل منهم إلى قلوب الجمهور وحركهم لساحات الفيض ولميادين التعاطي من دون تغافل أو (تنحي) عن دور من مجموعة أدوار على مسرح الحياة المتعدد الأطياف والمتشعب المشارب بشخصياته الرئيسية والثانوية ومنها ما خلف الكواليس. وتبقى الجرأة أبرز عوامل التميز وثمرة من ثمرات النضج الفكري وتكامل الرؤى في فكر العاملين في صناعة الإعلام البشري الهادف والمغاير لسياسة المناوشين ومدعي الإصلاح والجرأة المذكورة ليست الخالية من احترام الآخر وتقدير الذوات وإنما الجرأة الأمانة في ابداء الرأي والصدق في الطرح ومسؤولية الكلمة المتفوه بها وجدية التناوش اللفظي أو العملي فيما يقدمه من انجاز وقد لفت نظري وجذب انتباهي قوة طرح الاعلامي المصري المتألق والأجرأ من جريء مفيد فوزي الذي سلخ من عمره ما يقارب الخمسين عاما في مجالات الاعلام المقروء والمرئي من خلال مشاهدتي لحوار معه قريبا مع الإعلامي الكويتي الشاب بركات الوقيان في برنامج حواري ثاني ايام العيد على قناة الوطن الكويتية مع مجموعة من طلاب كليات الإعلام حيث لاحظت جرأته التي سماها هو بأمانة الكلمة وشرف المهنة وعصارة تجارب سنين وكم مرة أفحم المذيع المحاور والجمهور بردوده التي يحسبها البعض أنها فظة غليظة لكنها مسؤولية في نظره تترجم واقع رجل خضبته الثقافة المتنوعة وصنعته موهبته الفذة وصقلته احاطته بأحوال أمته العربية والإسلامية وما يدور حوله عالميا واستوعب حقيقة الثورات المعرفية وربيع العلاقات الاجتماعية المثمرة واتقن استعمالاتها فيما ينفعه في مجال تميزه وتفرده بين مجايليه من اعلاميي مصر والوطن العربي كان مثيرا في الطرح جدليا في اجاباته فكاهيا في لحظات تستلزم ان يكون صارما فتغلب على القلوب واستحوذ على الأذهان الشابة التي عدته مدرسة اعلامية معاصرة في زمن صار الإعلام أكذوبة من أكبر أكاذيب الأمم ..