بعد سبعة عشر يوما من التواصل في متابعة المباريات الاوروبية التي ما غابت عنها الاهداف للمرة الاولى منذ حوالي ربع قرن جاء وقت الراحة للمتفرجين والانتقال من المباريات المشفرة الى اللقاءات المفتوحة الموزعة بين الطائفوجدة. على مدار نصف قرن من تونس الى السعودية يمتد خط مستقيم توزعت عليه تسع محطات هي عمر كأس العرب. هل تجوز المقارنة بين خمسين عاما من التجارب؟ هل تصلح دراسة جدوى لماذا ارتفعت القيمة المادية لبطولة الأمم الاوروبية وظلت قيمة كأس العرب معنوية؟ هل يُجدي التساؤل لماذا تنمو البطولة الاوروبية من حيث عدد المشاركين بينما يكون المثال العربي مثل تخطيط القلب تارة في القمة واُخرى قريبا جدا جدا من القمة ولكن بضم القاف؟. من قال إن الراحة مفيدة وهي التي فرضت علّي مجددا العودة الى هوايتي القديمة التي دائما ما تنتهي ببيان اعتذار لخطأ لم اقترفه سوى انني قلت الحقيقة التي دارت في بالي وكأنني ذلك الطفل الذي رد سريعا على هاتف المنزل فأجاب عندما سأله الرجل على الطرف الآخر هل والدك في البيت؟، فصرخ قائلا ببراءة: "نعم انه في البيت لكنه واقف بجانبي يقول لي قل له إنه نائم". كلكم سمعتم بالتأكيد عن معادلة العرض والطلب ولهذا تنمو المشاريع الناجحة وتُفلس الخطط التي لا تشفع لها موارد المال والآيديولوجيات. كأس العرب نُظمت تسع مرات وليس لدينا تصور أين ستقام البطولة العاشرة على العكس تماما من المثال الاوروبي فهل يكفي هذا لمزيد من الصراحة؟. من سيعتذر بعد نشر هذه المقالة؟ صاحب الأفكار الهدامة؟ أو ربما مدير التحرير الذي سيجد حجة كالطفل ولكن من باب المحبة والاستحياء ليترك هذه الأفكار بعيدا عن النشر قريبا من سلة القُمامة؟ من سيعتذر؟ صاحب الفكرة التي سطرها حروفا مشعة نغنيها من عقود، بلاد العرب أوطاني من الشام لتطوان؟ من سيعتذر؟ من وصف الكأس بأنها مليئة للنصف أملا مثلما شدت السيدة فيروز يوم قالت لنا ما غرد لها العندليب أننا سنرجع يوما؟ من سيعتذر؟ منظمو البطولة الاوروبية لانهم لم يواصلوا مباريات البطولة بلا توقف فتركوا فسحة لصاحب المقال أن يفكر بصوت عال؟ هل من سبيل لتفادي الاعتذار؟ هل من أمل أن لا نُهدر الوقت ولا نعتذر ونعترف أننا اذا أردنا مستقبلا فعلينا الاعتراف لا النكران والمزايدة على الأخطاء من أجل عيون راعينا ومن يدفع لنا رواتبنا ومن يحمي الديار ومن ومن ومن؟ لقد كتبت مثل هذه المقالة قبل عشرين عاما ويومها اعتذر مدير التحرير عن نشرها. اليوم سيتغير شيء واحد فقط. لن اكتب عن مستقبلي فأنا شخصيا عشت حياتي ويا ويلتي عندما يأتي الوقت فتقول لي ابنتي بمرارة: "لماذا اورثت لنا هذا الحاضر؟". بيان الاعتذار حاضر فقط بحاجة لملء فراغ لمن سيكون هذه المرة الاعتذار.