قلنا سابقًا إن كرة القدم ليس لها أمان، وأن العبرة في الخواتيم، وهذا يتجلى بشدة في البطولات الأوروبية، فلا يجب التعويل على النتائج المبدئية ومن المهم الانتظار حتى خط نهاية السباق لمعرفة أولئك الذين سيعبرون من خلاله أولًا، وأمس الأول كانت الدراما الكروية غير المتوقعة تجري أحداثها في ختام مباريات الدور الأول من المجموعة الأولى. فقد حدث ما لم يكن في الحسبان، وروسيا التي كانت متصدرة قبل خط النهاية بتسعين دقيقة فجأة وجدت نفسها تحزم حقائبها وتستعد لمغادرة البطولة في مشهد حزين، أما اليونان التي كانت تتذيل فرق المجموعة وقبل الختام بتسعين دقيقة أيضاً وجدت نفسها تمدد إقامتها وتتأهل إلى الدور ربع النهائي بهدف سجله قائد الفريق كاراجونيس في مرمى روسيا، وهذا القائد سيغيب عن المباراة المرتقبة في ذلك الدور بسبب حصوله على الإنذار الثاني. أما جمهورية التشيك والتي تعرّضت لخسارة مذلة في بداية مشوارها في البطولة أمام الروس وبهدف مقابل أربعة أهداف، فقد تمكّنت من استعادة قصب السبق وحققت فوزين متتاليين على اليونان وبولندا لتتأهل متصدرة إلى الدور الثاني، فيما كانت بولندا هي خيبة الأمل الكبرى في البطولة، حيث فشل المنتخب المستضيف في تقديم أي انطباع إيجابي عن تطور الكرة البولندية وظهر الفريق غير مستعد تمامًا لهذا الحدث الذي أعدت له حكومة بولندا العدة وخلال خمس سنوات حتى يظهر بهذا الشكل الرائع والمرتب ولكنها تناست المنتخب. ومن المفارقة، أن روسيا التي بدأت البطولة الماضية قبل أربع سنوات بخسارة أمام إسبانيا بهدف مقابل أربعة أهداف، لكنها تمكّنت حينها من الوصول إلى الدور نصف النهائي، فيما بدأت هذه البطولة بفوز عريض على المنتخب التشيكي وبتلك النتيجة نفسها ومع ذلك فشلت في تجاوز الدور الأول. ثم يأتي أحدهم ليجزم بأن الفريقين المتأهلين من هذه المجموعة لن تكون لديه طاقة على الصمود أمام الفريقين المتأهلين من المجموعة الثانية مهما كان اسماهما، وأن هذه المجموعة هي الأضعف في البطولة، وله نقول إن هذه هي كأس أمم أوروبا، ومن شاهد تلك الدراما الكروية التي حدثت أمس الأول يجب أن يتعلم درسًا مهمًا في احترام الخصم وعدم التسرع بالحكم حتى النهاية، فهذه البطولة لا صغير لها ولا كبير سوى الذي يجيد التعامل مع ال 90 دقيقة وتسيير أحداثها ومعطياتها لمصلحته. مسك الختام هي دراما كروية حافلة بالمتعة ومليئة بالدروس ومفعمة بالجنون، وليت قومي لا يكتفون فقط بالمتابعة ولكن ليتهم يتعلمون.