اشتهر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنه رجل المبادرات التي تهتم بعلاقات الإنسان بالحياة، مثل المبادرات السياسية، والمبادرات الفكرية في الحوار مع الآخر، والمبادرات الصحية في حرصه على مساعدة الذين قدر الله أن يزرقوا بأطفال توائم ملتصقين، أن تجرى لأطفالهم عمليات فصل، رحمة بالأطفال ورحمة بأهاليهم الذين يعانون. المليك أثناء زيارته لتوأمين سياميين في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية مبادرة الملك عبدالله للسلام حينما بدأ الفلسطينيون، بقرار ممثلهم الوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، في خيار السلام لاستعادة أرضهم. وحينما بدأ الفلسطينيون بالاعتراف بإسرائيل، وأن العالم العربي يتجه إلى خيار السلام، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حينما كان ولياً للعهد خطة سلام عربية تستلهم تحقيق المطالب العربية مقابل الاعتراف بإسرائيل، خاصة أن دولا عربية مهمة قد اعترفت بإسرائيل مثل مصر والأردن وبلدان عربية أخرى. وأرادت المملكة أن تحول الخيار العربي إلى خيار جدي، وأن ما ارتضاه الفلسطينيون يرضى به العرب، كي لا تتحول القضية الفلسطينية إلى لعبة حزبية وإعلامية وتوظف للمغامرات الشخصية والحزبية. وكي لا تكون غطاء للتدخلات الأجنبية التي تود تحقيق أهداف خطيرة في الوطن العربي باسم تحرير فلسطين. وقدمت المبادرة إلى مؤتمر القمة العربي في بيروت عام 2002، فاعتمدتها القمة باعتبارها مبادرة سلام عربية. وتقضي المبادرة بتأسيس دولتين في فلسطين وعودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، وأن تكون مدينة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، ومعالجة موضوع اللاجئين بما يرتضيه اللاجئون أنفسهم، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل. وفور صدور المبادرة بدأت إسرائيل في التملص من التزاماتها، وحاولت زرع كل المعوقات كي لا تكون المبادرة برنامج عمل دولي. مبادرة تعزيز التضامن العربي وإصلاح الجامعة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية للتنمية الاقتصادية في الكويت في 19 يناير 2009، فاجأ خادم الحرمين الشريفين الزعماء والإعلاميين والمسئولين والشعوب العربية، بتقديم مبادرة تقضي بتعزيز التضامن العربي ونسيان الخلافات العربية، دعا الزعماء العرب إلى تبنيها فوراً. وفعلاً بعد دقائق بدأت المصالحات العربية وأصبح الزعماء مستعدين للتحاور فيما بينهم بروح الإخاء والتقبل. فيما كان كثيرون منهم قبل الجلسة الافتتاحية يستعد للهجوم على زعماء آخرين أو يشحذ اسلحته الخطابية الدفاعية ضد المهاجمين. اجتمع الزعماء المتخاصمون في جناح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتناول طعام الغداء معاً بروح أخوية لتتحول جلسات القمة في الكويت إلى نقاشات عمل، والتركيز على القضايا المهمة وتعزيز التضامن العربي ودعم المشروعات المشتركة والبحث في طموحات الأمة وهمومها. ومهدت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الفذة لنجاح لقاءات مصالحة عربية لاحقة، كما مهدت لنجاح قمة الدوحة العربية في 30 مارس 2009م. وجعلت المبادرة تلاحم الأمة العربية مجدداً أمراً ممكناً ويسيراً فيما لو صلحت النوايا واختفت المشاحنات العاطفية الصغيرة. إن الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر لا ينبغي أن تكون من أسباب شقائهم، وأن الإنسان نظير الإنسان وشريكه على هذا الكوكبولم تتوقف مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه على إصلاح الخصومات بين الزعماء والدول العربية، فرأى أيضاً أن الجامعة العربية تحتاج إلى إصلاح كي تتمكن من إداء مهامها وأن تحظى بالقوة والقدرات والصلاحيات الضرورية لتنفيذ القرارات العربية المشتركة. لهذا عمل خادم الحرمين الشريفين والأمين العام للجامعة العربية على طرح أفكار ورؤى إصلاحية للجامعة العربية أنقذت الجامعة التي كادت تنهار بسبب الضعف الذي اعترى أداءها. وتمت إصلاحات جوهرية في الجامعة بما في ذلك تعيين مفوضيين لمجالات تنموية عديدة وتأسيس البرلمان العربي الذي يتكون من أعضاء مرشحين من مجالس الشورى والبرلمانات في الدول العربية. مما أعطى للجامعة العربية نفساً وقوة إضافية ساعدت الأمانة العامة للجامعة أن تكون أكثر قوة وفاعلية. مبادرة حوار المذاهب الإسلامية نظراً لطول السنين فإن التفسيرات المتباينة للقرآن الكريم وكثرة علماء الإسلام وتعدد مشاربهم ومذاهبهم وتمدد المساحة الجغرافية للعالم الإسلام، اتخذت الخلافات المذهبية بين علماء الأمة الإسلامي منحنيات خطيرة في تشكيل الحياة والعلاقات السياسية في العالم الإسلامي. ورأى خادم الحرمين الشريفين أن يجتمع العلماء المسلمون، من مختلف الفرق والمذاهب وتنوعها، ليناقشوا أهم خلافاتهم وأن يتفقوا على المبادئ والرؤى المشتركة تمهيداً لتوحيد خطاب إسلامي مع العالم. لهذا دعا خادم الحرمين الشريفين إلى عقد المؤتمر الإسلامي العالمي في مكةالمكرمة، الذي استمر ثلاثة أيام، واختتم في يوم الجمعة 6 يونيو 2008م. بالدعوة إلى التسامح بين أتباع المذاهب الإسلامية واحترام القيم الفكرية، والتعاون على البر والتقوى ورفعة الأمة الإسلامية وترسيخ قيم العدل والمساواة. وكلف المؤتمر خادم الحرمين الشريفين للدعوة إلى عقد مؤتمر عالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. مبادرة حوار الأديان والثقافات بعد المؤتمر العالمي الإسلامي في مكةالمكرمة وتكليف علماء الأمة لخادم الحرمين الشريفين بالدعوة إلى مؤتمر عالمي للحوار بين علماء الديانات والثقافات، ونظراً لأن الإنسان يعيش في وجدان الملك عبدالله، وهو يرى النزاعات بين بني الإنسان المكلفة في كل مجال، بينما كان يمكن للشعوب أن تتعاون للتغلب على التحديات ومواجهة أعداء الإنسان الجهل والفقر والمرض والفرقة. لهذا قدم خادم الحرمين الشريفين مبادرة تاريخية، غير مسبوقة سوف تذكرها البشرية على مدى التاريخ. وهي مبادرة لحوار أتباع الديانات والثقافة وحوار بين الحضارات. واستجابة لدعوة العلماء المسلمين في المؤتمر الإسلامي العالمي في مكةالمكرمة بدأ خادم الحرمين الشريفين جهوده الموفقة الخيرة لعقد مؤتمر عالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات في العاصمة الأسبانية مدريد. حيث التأم في شهر يوليو عام 2008، برعاية خادم الحرمين الشريفين وحضور العاهل الأسباني خوان كارلوس. وحظي المؤتمر باهتمام بالغ وبمشاركة واسعة من علماء الأديان والثقافات في العالم. وامتدح علماء وسياسيون وشخصيات عالمية بارزة هذه المبادرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين. وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة مؤثرة في المؤتمر، شكر فيها لعلماء العالم «تلبية دعوتنا هذه للحوار وأقدر لكم ما تبذلونه من جهد في خدمة الإنسانية». الملك عبدالله والعاهل الأردني وتوأم أردني تم فصلهما في الرياض وقال خادم الحرمين الشريفين «جئتكم من مهوى قلوب المسلمين، من بلاد الحرمين الشريفين حاملا معي رسالة من الأمة الإسلامية، ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا مؤخرا في رحاب بيت الله الحرام، رسالة تعلن أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح، رسالة تدعو إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان، رسالة تبشر الإنسانية بفتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام بإذن الله محل الصراع». وتابع «إننا جميعا نؤمن برب واحد، بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم، ولو شاء لجمع البشر على دين واحد، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لسعادتهم». ودعا الملك عبدالله إلى مواجهة الكره والتعصب بالتسامح والمحبة وأعمال الخير «إن هذا الإنسان قادر بعون الله على أن يهزم الكراهية بالمحبة، والتعصب بالتسامح، وأن يجعل جميع البشر يتمتعون بالكرامة التي هي تكريم من الرب - جل شأنه - لبني آدم أجمعين». داعياً إلى «ليكن حوارنا مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب، والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية». وأنهى المؤتمر أعماله بإصدار «إعلان مدريد» حيث دعا إلى ترسيخ مجموعة من المبادئ يراها علماء الأديان والثقافات مهمة لتتعاون البشرية على مواجهة التحديات ونشر المحبة والتسامح بين الناس. وكلف المؤتمر خادم الحرمين الشريفين كي يسعى لدى زعماء العالم لتفعيل هذه المبادئ والعمل على ترسيخها في الأعمال الحكومية والشعبية. المؤتمر الدولي لحوار أتباع الديانات والثقافات واستجابة لدعوة العلماء والمفكرين في العالم الذين حضروا مؤتمر مدريد لخادم الحرمين الشريفين ليبذل جهوده في سبيل عقد مؤتمر دولي في الأممالمتحدة لمساندة المبادئ التي توصل إليها علماء أديان العالم وثقافاته، فقد بدأ، خادم الحرمين الشريفين مساعي نشطة لعقد دورة أممية خاصة لهذه المناسبة. وقد توجت جهود خادم الحرمين الشريفين بعقد قمة عالمية دولية في 12 نوفمبر الماضي، في مقر الأممالمتحدة تمثل زعماء بلدان العالم، لتناقش هذه المبادرة التاريخية التي حظيت بتأييد واسع بين زعماء العالم. وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة في المؤتمر جاء فيها «أمام هذا الجمع من قادة العالم، ومن الجمعية العامة ضمير الأممالمتحدة، نقول اليوم بصوت واحد: إن الأديان التي أراد بها الله عز وجل إسعاد البشر لا ينبغي أن تكون من أسباب شقائهم، وأن الإنسان نظير الإنسان وشريكه على هذا الكوكب، فإما أن يعيشا معاً في سلام وصفاء، أو أن ينتهيا بنيران سوء الفهم والحقد والكراهية». وأضاف «إن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب، وبسبب ذلك قامت حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة لم يكن لها مبرر من منطق أو فكر سليم. وقد آن الأوان لأن نتعلم من دروس الماضي القاسية، وأن نجتمع على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعاً». مضيفا «إن كل مأساة يشهدها العالم اليوم ناتجة عن التخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها كل الأديان والثقافات فمشاكل العالم كلها لا تعني سوى تنكر البشر لمبدأ العدالة». وتحدث خادم الحرمين الشريفين عن أسباب الكره والجريمة في العالم قائلاً «إن الإرهاب والإجرام أعداء الله، وأعداء كل دين وحضارة، وما كانوا ليظهروا لولا غياب مبدأ التسامح، والضياع الذي يلف حياة كثير من الشباب. كما أن المخدرات والجريمة، لم تنتشر إلا بعد انهيار روابط الأسرة التي أرادها الله عز وجل ثابتة قوية» مشدداً على «أن حوارنا الذي سيتم بطريقة حضارية كفيل -بإذن الله– بإحياء القيم السامية، وترسيخها في نفوس الشعوب والأمم. ولا شك بإذن الله أن ذلك سوف يمثل انتصاراً باهراً لأحسن ما في الإنسان على أسوأ ما فيه ويمنح الإنسانية الأمل في مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة الكريمة على الظلم والخوف والفقر». مبيناً «أن اهتمامنا بالحوار ينطلق من ديننا وقيمنا الإسلامية، وخوفنا على العالم الإنساني وأننا سنتابع ما بدأنا, وسنمد أيدينا لكل محبي السلام والعدل والتسامح» و«ختاماً أذكركم ونفسي بما جاء في القرآن الكريم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)». مبادرة فصل التوائم لأن خادم الحرمين الشريفين يعيش الإنسان وآلامه فقد أطلق سلسلة من المبادرات لفصل التوائم السياميين تجرى في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الرياض، وقد أجريت حتى الآن نحو 28 عملية جراحية لأطفال سياميين من بلدان عربية وإسلامية وصديقة، حيث كللت معظمها بالنجاح والحمد لله . ووجدت هذه المبادرة تقديراً واحتراماً لجهود خادم الحرمين الشريفين في سبيل خدمة الإنسانية والمساهمة في تخليص الأطفال وآبائهم من المعاناة الطويلة. مبادرة الطاقة الرخيصة للفقراء وطرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على قمة العشرين الماضية في تورنتو والقمة التي سبقتها مبادرة لاتخاذ إجراءات دولية كي تحصل الدول الفقيرة على طاقة رخيصة تساعدها في خططها التنموية، وقال خادم الحرمين الشريفين مخاطباً زعماء قمة تورنتو إن من المهم العمل على تعزيز إمكانيات حصول الدول الفقيرة خاصة على الطاقة من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء، حيث إن تعزيز إمكانيات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة التكلفة يعد أمراً أساسياً لتحقيق النمو والتنمية المستدامة. وتسعى المملكة حالياً كي تترجم دول العالم المبادرة إلى برنامج عمل من أجل مصلحة البلدان الفقيرة ومواطنيها المعوزين. المؤتمر الإسلامي العالمي في مكة المكرمة