عكفتُ على صخرة الغيابِ أنحتُ تمثالاً على هيئة ملامحكِ لِآخر أشكالِ آلامي.. ثمّ نفثتُ الذكرَى روحاً فيه، فَتَنافضَ وتساقطَتْ عنه عباءةُ السكون. وحين حدَّقتُ في صورة الفَرَسِ الشاهقة على سفوح لوحةٍ فنّيّة.. تذكَّرتُكِ.. فارتبكت الألوان وجمحت الفرسُ خارج الإطار. حبيبتي.. ها هو فصلُ الصيفِ يولد الآن من رغبتنا، فتعالي.. دعيني أتحدَّثُ مع الطيور والأعشاب والأنهار وكلّ عناصر الطبيعة.. تعالي كي أعزفَ كلّ آلات الموسيقى.. تعالي كي أمشِّط الأيام والأحلام وحتَّى الأوهام. حبيبتي.. تدفَّقي في روحي امرأةً بطول النهر قادمةً من الخصوبة، وتعالي نمدُّ لنا مرجاً أخضر ونفرش عليه بساط الحنين، اطمئني.. لن أكون فصلاً جديداً لأندلس الفاجعة في كتاب العمر. تعلمين يا حبيبتي أنَّني حين اقترفتُ حبَّكِ خطيئةً كبرى.. حبيبتي.. أنا السندباد الشاعر.. سوف أطوف بكِ البحورَ الستَّة عشر بمجدافٍ من التفاعيل ومركبٍ من الأوزان.. ولا تخافي الغرق، فثَمّةَ حُرَّاسٌ عروضيُّون يراقبوننا على ساحل القريحة.ومنذ الغياب.. ما يزال مخلب الفاجعة مغروسا في روحي، وعَرَبَاتُ ضحكاتكِ ما زالتْ تنزلق برشاقةٍ على قضبانِ أنفاسي في سكّة الآهة التي انفرج عنها صدري وأنا أتذكّر فرحتنا باللقاء الأوّل. سافرتُ إليكِ فرسخاً من صبابة.. كانتْ طيوفُكِ تصبغ أقدامَ المسافةِ بالحِنَّاء، وكانت الشمسُ تنحر قرابينَ الظلِّ في معبد الهجير.. ولكنّني ارتويتُ وارتوَتْ راحلتي عندما آنَسْناَ أنّ الآبارَ في الصحراء مِثْلُناَ تفكِّر بكِ. حبيبتي.. أنا السندباد الشاعر.. سوف أطوف بكِ البحورَ الستَّة عشر بمجدافٍ من التفاعيل ومركبٍ من الأوزان.. ولا تخافي الغرق، فثَمّةَ حُرَّاسٌ عروضيُّون يراقبوننا على ساحل القريحة. أنا السندباد الشاعر، سوف أرَافِقُ نوارسَ الدلالات المسافرةَ على مدِّ الخيال، وعندما تحطّ جائعةً على بندر القوافي.. سوف أنثر لها ما يكفي من حبوب الأفكار لتَلتقطَها صُوَراً وتعاود الطيران. أنا السندباد الشاعر، فانتبهي حين تلامسينَ أديمَ أشعاري بذائقةٍ ممشوقةِ الأنامل، سوف يتناثرُ زَغَبُ البدايات الناعمُ من بَشَرَةِ القصائد.. بَطِّني بهِ وسادةَ نومكِ كي نلتقي في الأحلام. وحاذري حينما تسحبين ذيلَ فستانكِ على رخامةِ قصيدتي مُتَسَلِّلَةً من بابها الخلفيّ.. حاذري أنْ تتعثَّري بِ(الرويِّ) على عتبات القوافي.