بلدة «الحولة» حيث خلعت الآدمية أثوابها قبل أيام وتجردت من كل ما يجمعها مع بني البشر من مواثيق وعهود، وحيث تهشمت حقوق الطفولة، فللطفولة حق فوق الحقوق وحصانة تتجاوز الحصانات.. ليس مقبولا أن يبرر أو يفسر أحدٌ ما حدث في الحولة، من قتل للأطفال. لو لم يحدث في سوريا إلا ما رأينا من تقتيل لأطفال «الحولة» لكفى قسوة وانحطاطاً؛ كيف تغتال الطفولة وتنتهك هكذا؟ أما يوم السبت الفائت فقد كان من أثقل الأيام وأكثرها إيلاما؛ شهدنا مع إطلالة صباحه ذبح الطفولة في «الحولة». أرجو ألا ننسى الحولة. هناك من يستهين بأمر النسيان، لكننا ننسى. أما في حقيقة الأمر فقضية عدم النسيان أساسية، فالنسيان غير المبرر أو التناسي هو «تأجير للعقل». وأرصد هذا الأمر هنا لنجاهد أنفسنا حتى لا تنسى فقد أصبح النسيان أو التناسي من شيم العرب المستجدة بعد انكفاءاتنا. بين من قُتل في «الحولة» ما لا يقل عن ثلاثين طفلاً. خزي علينا وعار معجون بخزي أن نقتل أطفالنا بأيدينا، فلا سبيل للتبرير أو اجتراح الاعذار أوالتسبيبات. وعند متابعة ما قاله الجنرال مور المحايد يتضح أن هناك إقراراً واضحاً بأن «الحولة» فصل مقيت في كتاب أسود يقض مضجع كل ذي وجدان. وسيقول قائل: لن ننسى ولن نغفر، أقول: عسى أن نصدق، فهل ما زالنا نذكر مجزرتي «قانا» الأولى والثانية؟! هل نذكر مشاهد الأطفال وأشلائهم المتناثرة؟ مجزرة قانا الأولى حدثت على يد الجيش «الإسرائيلي» قبل نحو 17 عاماُ فهزت كل ضمير حي لفظاعتها ودمويتها وانحطاط منفذيها وحقدهم الدفين، لا زلت أذكر قبسات من خطبة بليغة المعنى جزلة العبارة للشيخ صالح بن عبدالله بن حميد ألقاها يوم جمعة من على منبر الحرم المكي في موسم الحج حضرها نحو مليوني مسلم، تناول فيها «قانا» قائلا:»بأي ميزان أجيزت مجزرة قانا؟.. « والخطبة متاحة عبر الانترنت لمن يرغب في سماعها مجدداً، ونظم نزار قباني قصيدة منها: «وجه قانا شاحب كوجه يسوع..إلى أن يقول: فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة.. « وها نحن قد نسينا «قانا» رغم أن «إسرائيل» كررت مجزرة قانا مرتين! أما مجزرة «الحولة» فهي أقبح، إذ كيف يقتل الأخ أخاه أو ابن أخيه، في انتهاك فاضح لكل فضيلة؟! ولا ننسى أن من بين من قُتل في «الحولة» ما لا يقل عن ثلاثين طفلاً. خزي علينا وعار معجون بخزي أن نقتل أطفالنا بأيدينا، فلا سبيل للتبرير أواجتراح الأعذار أوالتسبيبات. وعند متابعة ما قاله الجنرال مور المحايد يتضح أن هناك إقراراً واضحاً بأن «الحولة» فصل مقيت في كتاب أسود يقضّ مضجع كل ذي وجدان.