ليس هؤلاء «الجشعون» الذين سيوفرون للمواطن العمل والسكن وحدا أدنى من العدالة الاجتماعية» هكذا تحدث حسان، الشاب العاطل عن العمل في معرض اشارته الى المرشحين للانتخابات التشريعية المقررة الخميس في الجزائر. ويقول هذا الشاب البالغ من العمر ثلاثين سنة لكن بملامح فتى وهو من مدينة عنابة الساحلية بالشرق الجزائري : «إن رؤساء الأحزاب الذين يتوسلون أصواتنا اليوم لن نراهم بعد الانتخابات». ويؤكد حسان الذي يصف نفسه على انه «مقصى من النظام» انه «لن يدلي بصوته في الانتخابات». ويقطن عنابة 700 الف نسمة نصفهم لا يتعدى ثلاثين سنة، وتنتشر فيها البطالة بنسبة 15 بالمائة، حسب مصادر محلية. وفي بلد يقطنه 37 مليون نسمة 75 بالمائة منهم شباب ما دون 35 سنة، تبلغ نسبة البطالة في الجزائر 10 بالمائة بين الفئات القادرة على العمل، لكنها تصل الى 21 بالمائة بين الشباب، حسب صندوق النقد الدولي. وتميزت الانتخابات التشريعية لسنة 2007 بنسبة امتناع عن التصويت قياسية بلغت 64 بالمائة. حتى انه تم انشاء حزب الشباب الذي يرأسه طبيب في الثانية والأربعين من العمر في 19 مارس الماضي الى جانب 20 تنظيما آخر في اطار الاصلاحات التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الموجود في السلطة منذ 1999، لتجنب انتقال عدوى ثورات «الربيع العربي» التي أطاحت بأنظمة مجاورة. فساد ومحسوبية ويعبر الشباب عن تذمرهم من انتشار «الفساد» و «المحسوبية»، ويقول عبد الرؤوف الطالب في كلية الاقتصاد بعنابة : «كلهم فاسدون ولا يفكرون سوى في الصفقات وحشو جيوبهم بالمال». ويوضح أحمد «ليسوا أول ولا آخر من يتوارى عن الأنظار بعد الحصول على تذكرة السفر الى الجزائر العاصمة للأعمال»، في اشارة الى بعض النواب من رجال الأعمال الذين يبحثون عن الحصانة البرلمانية. وعبر سفيان عن انزعاجه من نوعية المرشحين المختارين للانتخابات وانه لن يصوت، وقال : «في عنابة نجد على القوائم الانتخابية عناصر عصابات وأصحاب حانات وأميين تماما». حزب شبابي ويبدو أن عمليات التوعية عبر الاذاعة والتلفزيون التي تركز على الشباب وتدعوهم للتصويت بما فيه مصلحة البلاد، لم تلق أصداء واسعة، حتى انه تم انشاء حزب الشباب الذي يرأسه طبيب في الثانية والأربعين من العمر في 19 مارس الماضي، الى جانب 20 تنظيما آخر في اطار الاصلاحات التي أطلقها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الموجود في السلطة منذ 1999، لتجنب انتقال عدوى ثورات «الربيع العربي» التي أطاحت بأنظمة مجاورة، وقال علي الطالب الجامعي : «ليس لدينا شيء نأمل فيه من هذه الانتخابات. ليس لدينا سوى الوعود بغد أفضل». من جهتها تقول أستاذة علم الاجتماع فاطمة أو صديق : إن «الأمر الأكثر مأساوية هو ان هذه الوعود لم يتم الالتزام بها رغم ان الدولة ثرية، هنا يكمن التناقض»، وقالت أو صديق: إن «الشباب ليس لديهم أي (أمل) حياة، ينخرط المواطن في دعم الدولة حين يعتقد انها عادلة». وفي الشرق الجزائري الأقرب الى القارة الأوروبية، يخاطر عدة أشخاص من الراغبين في الهجرة غير الشرعية سنويا بحياتهم على متن مراكب، ويقول حميد في حي شعبي في عنابة : «لا شيء يجعلنا نبقى في البلاد، وبالتالي لماذا نصوت؟». ويكرر هؤلاء الشبان الذين يأتون من أوساط مختلفة من الحائزين على اجازات جامعية أو الأميين أو العاطلين عن العمل أو العاملين، «العيش ليس مجرد الاستمرار على قيد الحياة»، وهم موحدون في الاقتناع بأن الحل هو «المغادرة الى عالم أفضل».