الشعور بالظلم.. شعور تتفاوت قوته بين المظلوم ومن يتقمص دور المظلوم وعلى الرغم من كون الاحساس بالظلم شعور مقيت ومزعج لمن ظلم فعلا الا ان من يتقمصون دور المظلوم هم اشد حدة في التعبير عنه. قد يسأل احدكم وهل هناك من يحب تقمص هذا الدور؟ والاجابة هي نعم، هناك من يتقمص الدور لدرجة انه يصدق نفسه ويشعر وكأن الظلم قد وقع عليه رغم بعده عنه، وللتقمص حالات ايجابية عندما يكون الظلم قد وقع فعلا على الطرف الأول ويأتي من يدافع عنه سواء محامي او صحفي او غيرهما، ولكنه يكون سلبيا جدا عندما يكون الطرف الاول يتوهم وقوع الظلم عليه فيخطئ هو ومن يتبعه. ولكنهم من شدة تقمصهم للحالة يتلذذون بتعذيب أنفسهم وسكب الدموع ورفع الصوت احتجاجا على لاشيء فمثلا الفقير الواحد اذا دخل يوما لسوق الخضار ووجد ان سعر الطماطم قد ارتفع، ويبدأ بالصراخ والاحتجاج قائلا ارتفع سعر الطماطم ضدي وانا المعني الوحيد بهذا الارتفاع ثم يأتي جاره ويقول: هل تدرون لقد رفع سعر الطماطم ضد فلان.. الفقير الواحد إذا دخل يوما لسوق الخضار ووجد ان سعر الطماطم قد ارتفع، ويبدأ بالصراخ والاحتجاج قائلا ارتفع سعر الطماطم ضدي وانا المعني الوحيد بهذا وقد تكبر الدائرة وينضم للجار عشرة من الجيران وهم يصدقون ان كل ما حدث هو ضد فلان ولو قيل لهم ان الارتفاع يشمل جميع الفقراء والاغنياء لما صدقك واصر على موقفه وبدأ يطالب بحقه وقد يتعارك مع الباعة ومع المورد ومع اطراف اخرى دفاعا عن حق يتوهم انه سلب منه.. هنا يكون الامر قد تحول الى حالة مرضية قد تجره الى الوقوع في الاخطاء وجر الآخرين الى الوقوع فيها. في عالم التمثيل يعترف الممثل انه عندما يتقمص حالة انسانية ما فانه يجد صعوبة في الخروج منها رغم ان مدة التمثيل لا تتجاوز لحظات قليلة في اليوم الواحد فكيف اذا كان المرء يتقمص الحالة لسنوات ولن يخرجه من هذه الحالة المزرية والمسيئة سوى ان يستمع لعقله اولا ثم يفحص ما يعتبر ادلة وبراهين على الظلم الذي وقع عليه ويحكم هو قبل ان يحكم غيره.