لا تزال أصابع الاتهام موجهة إلى تجار الجملة والمزارعين في قضية ارتفاع أسعار الخضراوات بنسبة 300 في المئة التي عاشها السوق السعودي في الآونة الأخيرة، لعب فيها بائع التجزئة شاهد إثبات على جنون أسعارها في حين تمثل فيها المستهلك بدور المجني عليه والمتضرر النهائيوعلى رغم توقع الكثير من المستهلكين اعتدال أسعارها بعد شهر رمضان الماضي أو على الأقل بعد بداية أول أسبوع من السنة الدراسية نظير تضاعف الطلب عليها بعد انتهاء الأجازة واعتدال الجو، إلا أن توقع التجار والمزارعين استمرار ارتفاعها حتى شهر ذي الحجة، أحبط آمالهم وثبط من همتهم بل إن اختلاقهم أعذاراً مبدئية نظير احتمال اشتعال أسعار الخضراوات في فصل الشتاء ضاعف من سخط المواطنين وتذمرهم. أكد صاحب أحد محال التجزئة علي سالم «أن المزارع مظلوم في قضية هذا الارتفاع لأن التاجر هو المتحكم الأساسي في رفع سعر الخضراوات أو انحدار ثمنها. و قال: « أشهد من واقع عملي الذي يفرض علي الذهاب إلى الحراج وشراء كميات من الخضار، ارتفاع سعرها وتفاوت ثمنها على رغم تكدس وتوافر كميات هائلة منها وعلى رأسها الطماطم داخل الحراج، والأغرب من ذلك هو اختفاء معظمها بعد سويعات وتعبئتها في برادات وتصديرها إلى الدول المجاورة بحسب كلام أحد المحرجين»، وأشار «أن حجة التاجر الذي يزعمها أن الطلب أكثر من العرض يتناقض مع ما أشاهده من اكتناز الحراج بعدد هائل من صناديق الطماطم الكفيلة بتغطية حاجة نسبة كبيرة من المستهلكين، إلا أن شغف الأول في مضاعفة الكسب دفع تقديمه إشباع حاجة الدول المجاورة فضلاً عن أبناء بلده». وعن طبيعة الضرر الذي يلحق بائع التجزئة بهذا الخصوص أوضح «عادة ما نلحظ الكثير من الخضراوات التالفة داخل الصندوق الواحدما يحسب علينا بخسارة بعدما نعمد إلى فرزه وانتقاء الصالح منه، بل في حالات كثيرة نضطر بيع الطماطم مثلاً بأقل من سعرها الحقيقي خوفاً من تلفها في ظل عزوف الكثيرين عن شرائها». وأضاف: « للأسف حتى الآن لم تنخفض أسعار الطماطم بعد رمضان، بل على العكس ارتفعت أسعارها أكثر من السابق»، وأشار « كان سعر 4 كيلوات من الطماطم التركية في رمضان ب 25 ريالاً لأبيعه على المستهلك ب27ريالاً في حين يبلغ سعرها الآن 35 ريالاً غير الزيادة بواقع ريالين، أما الطماطم المحلية فقد بلغ سعر ال 4 كيلوات منها 40 ريالاً حالياً بعد أن كان 35 ريال في رمضان». واستاء علي صالح من الخسارة التي يتكبدها بائع التجزئة على رغم أن ربحه لا يتجاوز الريالين، جراء تلاعب التجار بالأسعار وتفاوت سعر المنتج بين محرج وآخر وما يتحمله من تلف الثمار داخل الصندوق الواحد، إضافة إلى تحمله كلفة دخول السيارة الحراج التي فرضته البلدية بقيمة 10ريالات للوانيت، 50 ريالاً للدينّة و150 ريالاً للشاحنة بعد أن كانت مجاناً، هذا غير دفع قيمة حملها بمبلغ 15 ريالاً لتكون حصيلة ربحه النهائية متواضعة جداً». من جهته توقع صاحب مزرعة الأبراج محمد الحناكي استمرار ارتفاع أسعار الخضراوات، وقال «أتوقع استمرار ارتفاع ثمنها حتى شهر ذو الحجة القادم، أما بالنسبة إلى توقع انخفاضها أو تضاعف اشتعال أسعارها بعد ذلك فتفاوت برودة الشتاء مابين برد قارص وصقيع قاتل هو سيد الموقف والحكم النهائي لتحديد سعر المنتج». وعن أسباب تواصل ارتفاع أسعارها حتى هذا الوقت أوضح أنه «على رغم توافر بعض المحاصيل في هذين الشهرين 9 و10 عادة بأسعار زهيده، إذ يتم استيرادها من سورية والأردن وتركيا، إلا أن ارتفاع نسبة الجفاف ونقص المياه في هذه الدول من جهة وظهور دودة (التوتا أبسوليوتا ) التي تكفلت في القضاء على نباتات العائلة الباذنجانية وعلى رأسها الطماطم والتي تدمر سيقان وأوراق وثمار النباتات التي تقع في دول حوض البحر المتوسط، ما أسفر ذلك عن تلف الكثير من محاصيل تلك الدول وتواضع كمية المنتج في أسواقها وقلة التصدير إلى المملكة ما جعل الوضع يسير بصفة عكسية، إذ عمد التجار السعوديين إلى التصدير إلى الخارج بصورة مضاعفة مقارنة بالاستيراد، ما أسهم في ارتفاع ثمن الطماطم إضافة أنها تأخذ وقتاً لا يقل عن ثلاثة أشهر حتى تثمر». وعن طبيعة أسعار الطماطم ذكر الحناكي «بعدما يشتري التاجر الطماطم المستورد سعة خمسة كيلوات بقيمة 7 ريال يبيعها في السوق المحلي ب12ريالاً حتى تصل دورة البيع لصاحب البسطة ليبعها ب25 ريالاً، وفي حال الصقيع يبلغ سعر 5 كيلوات من الطماطم إلى 60 ريالاً أما الكوسة فيتجاوز سعر ال20 كيلو منها 160 ريالاً. وأضاف صاحب أحد المزارع ناصر السبيعي « زيادة سابك من سعر الأسمدة بشكل شهري فاقم من مشكلات عملية الزراعة، وقال: «عادة ما ترفع سابك أسعار موادها الكيميائية التي تنتجها مثل اليوريا وثلاثي امونيوم داب مع بداية موسم الزراعة المتمثل في شهر 10ما لعب دوراً في تضاعف سعر المنتج في هذه الفترة»، ونفى فكرة اختصار المزارع لمساحات الزراعة تخوفاً من تلف محصوله نتيجة موجات البرد الشديدة والصقيع، بل أن ذلك يمنحه الدافع للزراعة وبيع منتجه بسعر عالٍ».