تحاول الحكومة العراقية، بقيادة نوري المالكي عضو حزب الدعوة المتشدد الموالي لإيران، إثبات قوتها وشرعيتها أيضاً، بالترويج بأنها قادرة على فرض الأمن في البلاد، لكن مع قرب موعد انعقاد القمة العربية في بغداد، تصاعد الاضطراب الأمني بشكل خطير وقد يهدد عقد القمة نفسها. وبدأت قوات الأمن العراقية منذ الثلاثاء فرض إجراءات أمنية مشددة وصارمة في عموم بغداد إثر سلسلة هجمات دموية استهدفت عشرين مدينة وتبنتها القاعدة، قبل أيام من انعقاد القمة العربية المقررة الأسبوع القادم. وأدت سلسلة هجمات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وأخرى بالرصاص، إلى مقتل ما لا يقل عن خمسين شخصا وإصابة أكثر من 250 آخرين بجروح، في ذكرى بدء العمليات العسكرية لاجتياح العراق. وأدت الاجراءات إلى حركة ازدحام خانقة في بغداد التي تشهد انتشارا أمنيا كثيفا غير مسبوق في إطار الاجراءات الأمنية للتحضير لانعقاد الاجتماع الدوري للقمة العربية الذي يعقد في بغداد بمشاركة 22 بلدا. ورغم ذلك أكد السفير قيس عزاوي مندوب العراق الدائم لدى الجامعة العربية إن التفجيرات التي شهدتها بعض المدن العراقية لن تؤثر على انعقاد القمة العربية في بغداد نهاية الشهر. وفرضت قوات الأمن اجراءات صارمة عند جميع نقاط التفتيش خصوصا على الطرق الرئيسية المؤدية إلى وسط بغداد، كما أغلقت عددا من الجسور الأمر الذي أدى إلى توقف وعرقلة تنقل أهالي المدينة. وهزت هجمات ألثلاثاء، ما لا يقل عن عشرين مدينة وبلدة في عموم العراق، بينها كركوك الغنية بالنفط (شمال) وكربلاء (جنوب)، وبدأت منذ السابعة صباحا (04,00 تغ) واستمرت طوال النهار. وأعلن تنظيم ما يسمى ب»دولة العراق الإسلامية» التي تضم مجموعات القاعدة الاعتداءات التي ضربت مناطق متفرقة من العراق. وجاء في بيان بتاريخ 20 مارس ونشر على موقع شبكة «حنين» بأن تنظيم «دولة العراق الإسلامية تبنى الهجمات التي ضربت أهداف توزعت بين مقرات حكومة ومراكز أمنية وعسكرية» الثلاثاء. وقوبلت الهجمات بإدانة على الصعيد الدولي، فقد وصفها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر ب»الفظيعة». وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي جي كارني أن الولاياتالمتحدة «تدين بشدة» أعمال العنف، كما وصفها وزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط اليستر بيرت ب»الجبانة». واعتبر رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي أن «تزايد الأعمال الإجرامية يهدف إلى إفشال عقد المؤتمر الوطني والقمة العربية»، حسبما نقل بيان رسمي. وأكد أنها «تهدف إلى إفشال عقد القمة العربية في بغداد، وإبقاء العراق تحت طائلة العنف والدمار». وقررت الحكومة العراقية بعد وقوع هذه الهجمات، تعطيل الدوام الرسمي من الأحد المقبل 25 مارس حتى الأول من أبريل، ما يجعل البلاد في وضع شبه معطل لحين انعقاد القمة. وتزامنت الإجراءات الأمنية مع عيد نوروز رأس السنة الكردية أمس الأربعاء، وعطلة الأسبوع الأمر الذي سيؤدي إلى غلق مناطق متعددة أو صعوبة التنقل إلى مابعد انعقاد القمة. وأعلنت قوات الأمن في وقت سابق بأنها ستفرض حظرا على تجول الدراجات النارية والهوائية والعربات، في بغداد اعتبارا من السبت المقبل في إطار تنفيذ خطتها الأمنية استعدادا لانعقاد قمة بغداد في 29 مارس الجاري حيث من المتوقع فرض حظر تجول شامل. ويعد اجتماع القمة المقرر في بغداد، الأول منذ غزو قوات نظام صدام حسين للكويت عام 1990. ويصر المسؤولون العراقيون على أن قوات الأمن قادرة على الحفاظ على أمن مؤتمر القمة، بعد إضافة أربعة آلاف من عناصر الجيش والشرطة لتولي هذه المسؤولية ولكنهم يعترفون بأنهم قد يحتاجوا إلى غلق بغداد للتنفيذ هذه المهمة. ورغم ذلك ، أكد السفير قيس عزاوي مندوب العراق الدائم لدى الجامعة العربية إن التفجيرات التي شهدتها بعض المدن العراقية لن تؤثر على انعقاد القمة العربية في بغداد نهاية الشهر. وفي تبرير مثير للجدل ، أوضح أن التفجيرات التي شهدها العراق تمت في مناطق بعيدة عن المنطقة الخضراء مقر انعقاد القمة وقال إن المناطق جميعها مؤمنة وهي مسار القمة بدءا من المطار ومكان إقامة الوفود والصحفيين والملوك والرؤساء وانتهاء بقصر المؤتمرات ولا خوف على استهدافها. وذكر أنه لا توجد تداعيات سلبية لهذه التفجيرات على عقد القمة حيث أنها «تفجيرات اعتادت عليها العراق من مجموعات إرهابية».