قدّم الناقد التشكيلي يوسف شغري مساء الأحد المنصرم ورقته المعنونة « هاينريش فولفين، الناقد المفكّر ونظريته في الفنّ الحديث « في نادي المنطقة الشرقية ليكشف الستار عن ناقد تشكيلي ومؤرّخ للفن قال إنه لم يحظ بعناية كافية من الفنانين ودارسي الفن في الوطن العربي. وابتدأ شغري ورقته معرفاً بفولفين « 1864- 1945» صاحب ثلاثة كتب لا تزال من مراجع الفنّ المهمة وهي» عصر النهضة والباروك 1888 « و « الفنّ الكلاسيكي 1898 « و « مبادئ تاريخ الفن 1915 «. وناقش شغري في ورقته لخمسة مبادئ نظرية قدّمها فولفين كمبادئ متعاكسة تظهر تحوّل طبيعة الرؤية الفنيّة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وهي: التحوّل من الخطّي إلى التصويري الملموس من خلال المساحات اللونية وأنظمة اللون النسبي ضمن تكامل الظل والنور بدلاً عن سيطرة الألوان كحدود ثابتة،وصاحب الورقة عرضٌ تطبيقي لعدد من اللوحات. وذكر شغري أنّ المبدأ الثاني هو الانتقال من السطح المستوي إلى السطوح المتراجعة في مستويات متعددة، وأما المبدأ الثالث فهو الانتقال من المغلق على الشكل المفتوح، والمبدأ الرابع هو التحوّل من التعدد إلى الوحدة، وأما المبدأ الخامس فهو التغيّر من الوضوح المطلق إلى الوضوح النسبي للموضوع. ولفت شغري إلى أنّ جوزيف جانتر وجوان هارت بحثا هذه المفاهيم بعمق وشمول أكثر. وأكّد شغري أن مفاهيم فولفين ذات علاقة وثيقة بفنّ التصوير التشكيلي في الوقت الراهن. وبين أن فولفين طوّر مبادئه مستنداً إلى نظريات فلسفية لكانت وديثلي وريجل وهيربارت وهيجل، مشيراً إلى تحوّل قواعد التصوير العلمية الثابتة وغير الفنية إلى الحالة الفردية النابعة من ذات الفنان ومن استقلالية الفنّ التصويري عن سردية الأدب وعن الفنون الأخرى كالنحت. وفي جانب من المداخلات تساءل مقدّم الأمسية القاص عبدالله العبدالمحسن عن السبب الذي دعا فولفين لتكريس جهده لبحث فترة الكلاسيكيةوالباروك في وقت وجدت فيه العديد من المدارس الفنية الحديثة، واتفق مع المقدّم القاص عادل جاد الذي قلل من أهمية فولفين ووصف ما جاء به بأنه سيكون ذا قيمة كبيرة لو جاء قبل قرنين من زمنه. وردّ شغري عازياً سبب اهتمامه بالمرحلة الكلاسيكية إلى كونه مؤرخاً ومفكراً، وإلى تناوله نقطة فاصلة من تاريخ الفنّ استطاع من خلالها وضع أسس فنية كان من الصعب قبلها الحكم على الفنّ بين المدارس التي كانت كل واحدة منها تضع لها قواعد خاصة بها بعيداً عن قواعد المدارس الأخرى، مبيناً أنها قواعد لا تزال ممكنة التطبيق. وتساءل الفنان التشكيلي عبد الرحمن السليمان إن كانت رؤية فولفين متأثرة بنظرته للعصر الذي عاش فيه، وأجاب شغري أنه يرى أنّ أهم ما جاء به فولفين هو كشفه عن أن أهمية الفنان تكمن في الإبداع والإضافة وليس النقل الحرفي للواقع مهما بلغ من دقة.