مما لا شك فيه أن الحضارة الغربية وبالتحديد بعد مجيء الإسلام، وتكون الحضارة الإسلامية مترامية الأطراف، وحث الإسلام أتباعه على طلب العلم ولو في الصين، ما أدى إلى نشوء حركة علمية ونهضة حضارية كبيرة جداً نقلت العرب والمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص من مجتمع مشتت لا يعرف كيف يكتب إلى مجتمع علمي حضاري يعتمد الأساليب العلمية في كل شؤون حياته، حتى إن الغربيين ممن كانوا يريدون التعلم يأتون للشرق كي ينهلوا مما فيه من علم. وتعتبر أرض المملكة العربية السعودية أرض الحضارات المتعاقبة، فالنقوش والآثار تدل على أن الإنسان استعمر أرضها منذ آلاف السنين، بالإضافة إلى أنها قبلة الإسلام والمسلمين وأرض الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي الأمين، وكل شبر فيها يختزل ذكريات كبيرة وكثيرة عن حضارات سادت ثم بادت، فالشمال يحكي قصة أقوام عاشوا فيه قبل التاريخ، وفي الجنوب الأخدود الذي ذكره الله في القرآن الكريم، وفي شرقها حضارات لازالت آثارها حاضرة، أما في الغرب فالحديث يطول ويطول عن مكة والمدينة وما بينهما. كل هذا يستدعي منا جهداً أكبر في الحركة الثقافية والنهضة العلمية، والفن التشكيلي خير رسول في إبراز كل تلك الآثار وفي الارتقاء بمستوى الحس الفني والتراثي، وحينما نرسل نظرة على كل تلك المؤسسات الضخمة التي تزخر بها المملكة العربية السعودية، يتبادر لنا أسئلة مهمة، يا ترى أين موقع الفن التشكيلي من تلك المؤسسات؟ ولم تم إهمال هذا الفن؟ ولماذا لم تخصص لهذا الفن مراكز ومعاهد تعنى به وبفنانيه، وهل يا ترى سنرى قريباً معهداً متخصصاً ومعرضاً لهذا الفن؟ نظرة عن كثب... هل يا ترى سنرى عما قريب معهداً متخصصاً في الفن التشكيلي؟ وهل سأقرأ في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى عن مبنى يشيد ليصبح معرضاً دائماً يضم أعمال كبار الفنانين التشكيليين؟حينما تطالع الكتب التي تصدر من الفنانين أنفسهم وترى فيها صورهم، وحينما تقرأ أن هؤلاء الفنانين لهم مشاركات عالمية، وحينما يقع بين يديك كتاب مثل»تشكيليون سعوديون اليوم» وترى تلك الأعمال التي تنافس أعمال كبار الفنانين العالميين، وحينما تحضر معارض فنية تقام بين الحين والآخر للفنانين، تدرك بما لا شك فيه أن هناك حلقة ناقصة في النهضة الثقافية السعودية هي الاهتمام بالفن التشكيلي، وتخصيص مؤسسات ومعاهد لتدرسيه. بعد كل هذا.. هل يا ترى سنرى عما قريب معهداً متخصصاً في الفن التشكيلي؟ وهل سأقرأ في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى عن مبنى يشيد ليصبح معرضاً دائماً يضم أعمال كبار الفنانين التشكيليين؟ هي أسئلة أطرحها على من يهمه أمر هذا الفن، علني أجد إجابة شافية واضحة تزيل حيرتي. حلم وأمل.. أن يتم الاعتناء بهذه الفن، وتخصص له مشاريعه وميزانيته، فالمشاريع التي تقيمها الأمانات والأنشطة التي ترعاها النوادي الأدبية يجب أن تلتفت لمثل هذا الفن، ولا أظنني أبالغ حين أقول إنني أطلب من المؤسسات المهتمة بالوضع الاجتماعي والثقافي كالأمانات والنوادي الأدبية وحتى الجامعات أن تتبنى مشروعاً يخدم الفن التشكيلي.