تدور عجلة الزمان بلا توقف، ويكبر الصغار، ويشيب الكبار، فهذه سنة الحياة، وإرادة الله على جميع الخلق، وإذا تتبعنا هذه السنة في عالم الفن، نجد أنفسنا مقبلين على مأزق فني، علينا أن نتوقع ساحة فنية خالية من النجوم، ليبقى لنا أنصاف وأرباع وأثمان النجوم، وإليكم الدليل على كلامي.. جيل عمالقة الفن السعودي، أصحاب الصف الأول، الذين نتباهى بهم حتى هذه اللحظة، أمثال فنان العرب محمد عبده، وراشد الماجد، وعبد المجيد عبدالله، ورابح صقر، وابوبكر سالم وعبادي الجوهر وخالد عبدالرحمن، صنعوا ما هو مأمول منهم، بترسيخهم لمبادئ الفن السعودي، وكتابة فصول جديدة من تاريخ هذا الفن، الذي بات الأشهر حالياً على الساحة المحلية والخليجية والعربية، ولكن لم نسمع عن جيل آخر قادر على خلافته، وتكملة المشوار بنفس المستوى، ونفس النهج، في المحافظة على خصوصية الفن السعودي ورونقه، وإذا أشار البعض إلى وجود جيل بالفعل سيخلف جيل العمالقة، فردي عليه أن الفارق الفني والثقافي بين الجيلين كبير وعميق، مما يؤكد لنا أن هناك فجوة فنية ستقع لا محالة بين الجيلين، علينا أن نتوقعها ونبحث عن حلول لها، إذ أن الفنان النجم من وجهة نظري، ليس صاحب الصوت الجميل والأغاني الرائعة فحسب، وإنما هو صاحب الطلة المميزة على جمهوره، وصاحب الكاريزما الخاصة، وصاحب التأثير الطاغي على محبيه، وصاحب المبادئ الفنية والإنسانية، التي تجعله شخصية عامة، إذا تحدث، الكل يستمع له، وإذا غاب، الكل يسأل عنه، وهذا تحقق على سبيل المثال مع فنان العرب الذي بات علامة مهمة في تاريخ الفن السعودي والخليجي، ليس بأعماله الفنية وصوته الطربي، وإنما بكل شيء يصدر منه، وعلينا أن نسأل أنفسنا من تنبطق عليه هذه الأوصاف من أفراد جيل الشباب، أو حتى جيل الوسط، أعتقد أن الإجابة أنه لا يوجد أحد، تبدو المشكلة من وجهة نظري، أن هناك غيابا للدعم المنتظر للأجيال الفنية الجديدة، وإذا وجد هذا الدعم، فهو على استحياء، فأين رجال الأعمال الداعمون للحفلات والبرامج والشركات الفنية، وأين الاستثمارات التي تسلك طريقها في عالم الفن والأصوات الجديدة، وأين دور الكتاب والملحنين في تبني المواهب الجديدة، وأين وأين وأين؟؟؟. غياب الدعم، جعل تلك المواهب تسعى للاعتماد على نفسها، فبعضها يكمل المشوار بصعوبة، والبعض الآخر لم يستطع الاستمرار، فاعتزل الساحة مبكراً، وذهب للعمل موظفاً في شركات القطاع العام أو الخاص. وإذا نظرنا إلى الساحة الفنية حالياً، نجد أنها مليئة بأصوات، تستحق الدعم الحقيقي، وأن يتبناها أحد ما، حتى تحقق ما هو مأمول منها، في الوقت نفسه، توجد أصوات لا تستحق ذلك، لأنها اقتحمت عالم الفن، تحت شعار «لعل وعسى» تصبح نجماً، وتكون قاعدة جماهيرية، ولو ضعيفة، تؤهلها للغناء في الأعراس والحفلات الخاصة، وتلك أكبر أمنياتها على الإطلاق، وهذه ليست أوصاف أو أحلام النجوم. أعود وأكرر أن الفن السعودي في خطر، وأن الفجوة بين الأجيال ستكون كبيرة، وعمالقة الفن، لن نجد من يعوضنا عنهم، وأن جيل الوسط سيكون مطالب بما لن يستطيع تحمله أو القيام به، مما يتطلب منا أن نلتفت لهذا الأمر، ونعمل على تداركه، حتى لا نخسر ما وصلنا إليه من مستوى فني مشهود له بكل ما هو جميل، ويبدو أن الأمل موجود في الساحة الفنية بالفعل، عبر أصوات بكر، أصحابها مؤهلون لأن يصبحوا براعم لنجوم المستقبل، أمثال الفنان الذي شارك في برنامج ستار اكاديمي 5 عبدالله الدوسري والفنان محمد المشعل الذي شارك في برنامج سوبرستار والفنان احمد المحضار الذي شارك في نجم الخليج وتميز باللون العدني والفنان يحيى الشهري والذي شارك في نجوم الخليج، وهؤلاء لا ينتظرون سوى الدعم الحقيقي من المجتمع ومحبي الفن، ليكملوا المسيرة الفنية السعودية، وسد الفجوة المنتظرة بين الأجيال الفنية.. وعلينا أن نبدأ من الآن.