لا أشعر إلا بالخجل، إلا عندما تطالعنا الصحف المحلية بتصريحات مسؤولين عن أعداد الوظائف الشاغرة المتوقعة والتعيينات المستقبلية التي سينعم بها السعوديون عندما يتم تدشين مشروع ما بعد سنوات عدة، والشعور نفسه يتكرر عندما يتشدق رجال أعمال من فئة لعقاريين بأن مشاريعه الجديدة. خصصت لذوي محدودي الدخل دون غيرهم، وتسكين فئة الشباب، هذا الشعور مبعثه الشك في أن هذا المسؤول أو ذاك، يتاجرون بأزمتي البطالة والسكن، ويستثمرونهما لصالحهم، دون أدنى إحساس بمشاعر المواطن السعودي الذي يكتوي وحده بنار البطالة ولهيب السكن. يجب أن يعي رجال الأعمال والمسؤولون أن المتاجرة بأزمتي البطالة والسكن تحديداً، أو استثمارهما في تحقيق مآرب معينة، لا ينم عن حس وطني، ولا يشير إلى التفاعل الحسن مع مشكلات المجتمع. وبحسبة بسيطة، فلو جمعنا أعداد الوظائف الشاغرة التي وعد بها مسؤولون في صحفنا المحلية خلال السنوات العشر الماضية فقط، لاستوعبت الآن كل أعداد الباحثين عن عمل من رجال ونساء، ولما وجدنا عاطلاً واحداً بيننا، ولما فكرنا في مبدأ "السعودة"، ومشروع "حافز" أو تأنيث محال الملابس النسائية، ولما ابتكرت وزارة العمل نطاقاتها، وأنفقنا الملايين في صندوق الموارد البشرية، والأمر نفسه في قطاع السكن، الذي تزداد فجوته، وتتعاظم سلبياته، محذرة من أزمة اجتماعية ثقيلة. يجب أن يعي رجال الأعمال والمسؤولون أن المتاجرة بأزمتي البطالة والسكن تحديداً، أو استثمارهما في تحقيق مآرب معينة، لا ينم عن حس وطني، ولا يشير إلى التفاعل الحسن مع مشكلات المجتمع، وإنما يدل على أن المصالح الشخصية عندهم أهم مائة مرة من المصلحة العامة، وهذا قد يفرز لنا أزمة أخلاق وانعدام ضمير، ومثل هذه الأزمة، لا يوجد قانون يحد من سلبياتها، ويعاقب أصحابها حتى الآن، لكن لا يمنع هذا أن توجد جهة ما، تراقب وتتابع تصريحات المسؤولين ورجال الأعمال الذين يعلنون عن وظائف شاغرة في شركاتهم ومؤسساتهم، أو مساكن ميسرة لمحدودي الدخل، وتحاسبهم إذا لم ينفذوا ما وعدوا به، وأعلنوه، مع الوضع في الاعتبار أن المواطن بات لا يصدق كل ما يقال له، ولا أبالغ إذا أكدت أنه فقد الثقة فيمن حوله، فمنذ سنوات مضت، وهو يسمع ويقرأ عن وعود، دون أن يرى شيئاً منها، وإذا لم نوقف هذه المتاجرة اليوم، فعلينا أن نتوقع الأسوأ غداً. [email protected]