حكايات جميلة وكفاح حقيقي لأطفال وشباب وكبار سن مع العربة أو (الحمالية)!!، .. وتسرد لنا هذه الحكايات همة أولئك الصغار الذين جمعوا بين العمل والدراسة ليساعدوا آباءهم وعائلاتهم .. كما تروي قصصهم حياة كبار السن الذين لم يجدوا وظائف ففضلوا هذه المهنة البسيطة لتوفير لقمة العيش لأبنائهم، وكذلك الحال بالنسبة لطلاب جامعيين تمسكوا بالعربة بعيدا عن قاعات المحاضرات ليرددوا : حمالي .. حمالي، عربية .. عربية، فما أن تنتهي صلاة الفجر وتشرق شمس يوم جديد حتى يملأ حياة (الحمالية) العمل بنشاط في أياد تبحث عن لقمة العيش الشريفة، .. قصص مع مهنة (الحمالية) ارتبطت ارتباطا قويا في الأسواق الشعبية بالأحساء من قديم .. وكذلك كان ولم يزل حالهم باقيا مع «العربية» حتى الآن، المزيد من الشواهد الحية لتلك القصص وبعض أحداثها اليومية في هذه المادة .. مهنة الحمالي في البداية .. ومن واقع ميدان (الحمالية) تحدث محمد اليوسف فقال : «قد لا يعلم الكثير أن مهنة (الحمالية) في الأسواق كانت موجودة منذ القدم، خاصة في أسواق الأحساء الشعبية، وكان عامل (الحمالية) يستخدم العربات المصنوعة من الخشب، ويمارس مهنته بكل سعادة وارتياح رغم دخلها البسيط جدا، ومع التطورات أصبح استخدام (الحمالية) للعربة الجديدة المصنوعة من الحديد وهي الموجودة حاليا، بمعنى أن (الحمالية) مازالوا يحافظون على هذه المهنة التي ارتبطت كثيرا بالأسواق الشعبية علما أنها تعتبر في هذا الوقت أفضل»، ومن جهته تحدث حسين العلي الذي عمل في هذه المهنة منذ 40 عاما بدون توقف فقال : «أعمل في هذه المهنة البسيطة منذ 40 عاما دون أن أتوقف يوما واحدا، وذلك لأنني لا أملك أي وظيفة تعينني وتساعدني على تكاليف المعيشة لي ولعائلتي المكونة من زوجتي وخمسة أولاد وثلاث بنات، وأعمل جاهدا وبكل ما أملك لأن أوفر لأسرتي المعيشة الطيبة حتى في أصعب الظروف»، ويضيف العلي : «مهنة الحمالي ليس فيها أي عيب، فهي مهنة شريفة وأحصل على المال من عرق الجبين، كما أني أحرص على التنقل بعربتي من سوق إلى آخر». البحث عن عمل باقر السكران البالغ من العمر 35 عاما، تحدث حول قصته مع (الحمالية) فقال : «أعمل في شركة براتب بسيط، وظروف الحياة والمصاريف أجبرتني أن أجد دخلا ثانيا أستطيع أن أجمع منه ولو جزءا بسيطا من المال، ولذلك فضلت مهنة (الحمالية) أقوم بنقل احتياجات الناس ممن يأتون إلى الأسواق ويعطوني ما تجود به أنفسهم دون أن أطلب منهم أي شيء، وأعمل في هذه المهنة منذ سنوات طويلة بدأت في سوق الخضار القديم، وقد حرصت على إحضار ابني معي وإعطائه عربة حتى يساعدني أيضا، ويتعلم معنى العمل والكفاح والحصول على لقمة العيش الطيبة خاصة في هذا الوقت، وإننا في اليوم ومن خلال العمل من الصباح الباكر حتى نهاية اليوم نستطيع أن نحصل على 100 ريال يوميا، وهو مبلغ نعتبره جيدا ويفي بأمور ضرورية، فالعمل ولا البقاء في البيت»، ومن جانبه أكد مصطفى الدهنيني 30 عاما رأي السكران فقال : «بحثت عن عمل في كل مكان فلم أجد، لذلك فضلت العمل حمالي بالعربة اتنقل في جميع الأسواق الشعبية في الأحساء، وإني أجد كل ارتياح من هذه المهنة، فأنا متزوج ولدي ثلاثة أبناء وأحرص على الإنفاق عليهم، وبصراحة ألمس الشيء الجميل من كثير من الناس، ونجد كل تشجيع وتحفيز من الجميع في السوق، حتى أنني أعرف الكثير منهم، بل أن هناك من يجد كل سعادة عندما يرانا نعمل في كفاح وصبر، ودائما ما نحرص في هذه الأسواق على التعاون فيما بيننا، فهناك الكثير من (الحمالية) والأرزاق ولله الحمد متوفرة فهي مهنة شريفة جعلت الكثير يعيشون في سعادة حتى وإن كان دخلها بسيطا، إلا أننا نعود إلى منازلنا نحمل معنا الخير والرضا بقسمة الله تعالى لنا». جامعي - حمالي وعلى خلاف ظروف مصطفى والسكران والعلي واليوسف يقول الطالب الجامعي حسين الداوود : «أنا طالب جامعي، وأبلغ من العمر 22 عاما، ولا أخشى على نفسي مما يقال أو يحكيه البعض على (الحمالية)، ودراستي الجامعية وحبي للعلم لم ولن يمنعني من العمل بهذه «العربية» وممارسة هذه المهنة الشريفة في أسواق الأحساء، فأنا أجني المال من عرق جبيني، ولا أطلبه من أحد .. أنقل الأمتعة وأحصل على المقسوم، حتى لو كان ريالا واحدا، وأشعر بالفخر لأنني أساعد أهلي وعائلتي التي تحتاجني في كل وقت، ولا أخشى أن يراني أحد من زملائي، فالعمل من صنع الرجال، وكم هي الكلمات الجميلة التي نسمعها من الكثير ممن يشدون من أزرنا ويمنحونا الثقة بأن نعمل ونجمع بين العلم والعمل .. حتى لو كان العمل بسيطا فهو نعمة كبيرة». أطفال (الحمالية) دائما ما يتواجد الطفل أحمد النويصر 11 عاما في الأسواق الشعبية، ويدرس النويصر في الصف الخامس فيما يعمل حمالي ليساعد أهله ووالديه لاسيما أن والده كما يقول لا يعمل، ويجني النويصر دخلا لا بأس به ما بين 20 و 50 ريالا يوميا، وفي السياق يقول محمد السكران 15 عاما : «جئت إلى هنا بعربتي من أجل مساعدة والدي، وأشعر بسعادة كبيرة لأنني أساعد أبي»، وقال عبدالكريم المرزوق البالغ من العمر 13 عاما : «تعودت العمل في هذه الأسواق حمالي من أجل مساعدة عائلتي في دخلها المالي، وأيضا أنا أدرس في الصف الرابع، وأشاهد الكثير من زملائي ومن المعلمين إلا أنني لا أخشى أي شيء، فأنا أعمل مثلي مثل غيري، وأعتمد على نفسي وهذا فخر لي»، أما منتظر أبو دريس فهو طالب يدرس في الصف الثاني المتوسط، ويعمل حمالي فيما ينظم وقته ما بين العمل والدراسة، ويقول منتظر : «لا أرى أن في هذه المهنة أي حرج، فالعمل هو العمل حتى لو كان الدخل بسيطا» . ارتياح كبير من جهتهم أكد عدد كبير من زوار الأسواق الشعبية تعاون (الحمالية) وجدهم ونشاطهم، ويقول أحدهم عن (الحمالية) : «تراهم يعملون بكل إخلاص وتفان، ونقدر ما يقومون به من جهد كبير، ولذلك نستطيع أن نقول انهم العامل الرئيس لنجاح هذه الأسواق»، وفي السياق يقول سليمان العايد : «من غير هؤلاء (الحمالية) يجد مرتادو السوق صعوبة في نقل ما يشترونه، لذلك تجدهم يسهلون المهمة بعربتهم وينقلونها لنا إلى السيارات وبأسعار بسيطة من ريالين إلى خمسة ريالات، وأيضا هم لا يطلبون أي شيء، وتجد من تعاملهم الشيء الجميل .. خاصة ابتسامتهم، ودائما ما يستمتعون وهم يرددون كلمة حمالي أو عربة أو غيرها من الكلمات لجذب الزبون والعمل على راحته». عشرات السنين من العمل في هذه المهنة الشريفة. طفل يساعد أهله ولا يرى عيبا في مهنته