من المعروف أن المصارف في الدول المتقدمة الصناعية الكبرى التي تتوق المملكة وفقا لرؤيتها المستقبلية 2030 أن تضاهيها من خلال سلسلة من الشراكات التي وقعت مع تلك الدول أثناء الزيارات الناجحة التي قام سمو ولي العهد الأمين بها، من المعروف أن تلك المصارف تلعب دورًا حيويًا ورياديًا في مجال التنمية المستدامة لمجتمعاتها، وهو دور له أهميته القصوى في مختلف عمليات النهضة التي تعيشها تلك الدول. وليس من الأسرار القول إن الحكومات وحدها لن تتمكن من الايفاء بتلك المجالات العديدة والمتشعبة من أجل الوصول إلى تنمية متصاعدة، بل لابد أن تتحرك المصارف لتؤدي أدوارها التي يجب أن تؤديها من أجل تحقيق الايجابيات المطلوبة تجاه مسؤولياتها المجتمعية، وتلك مسؤوليات تتمثل في مساعدة الدولة للنهوض بأعباء التنمية ومتطلباتها ومقتضياتها، وهي مساعدة ضرورية وملحة. ازاء ذلك فإن مطالبة صاحبة السمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي آل سعود، حرم أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس أمناء مجلس المنطقة الشرقية للمسؤولية الاجتماعية، بتخصيص جزء من أرباح المصارف لخدمة المجتمع من خلال الاستثمار في بناء وتنفيذ برامج ومشروعات ذات صبغة مجتمعية تحقق أبعاد التنمية المستدامة، وهي مطالبة تصب في رافد العمل الوطني المنوط بتلك المصارف. هذه المطالبة تصب في روافد العقلانية والصواب ورجاحة الرأي، ذلك أن المصارف عليها أن تقوم بأدوار رئيسية وحيوية وهامة في مجال تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها، فليس من مهمتها تكديس الأرباح فوق الأرباح دون العمل على تخصيص نسبة من هذه الأرباح لصرفها في مشروعات استثمارية تحقيقا لمشروعات وبرامج يستفيد منها المجتمع، فالتخصيص من هذا المنطلق عملية مهمة لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة. على تلك المصارف أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية كاملة لتترك بصماتها واضحة وجلية على خارطة التنمية المستدامة التي ركزت عليها بنود الرؤية الطموحة للمملكة 2030، وتلك مسؤوليات تستهدف في نهاية الأمر المشاركة الفاعلة والايجابية مع الدولة لتحقيق سلسلة من المشروعات التنموية الخدمية على أرض الواقع بما يعود على الوطن والمواطن بخيرات وافرة لاعد لها ولا حصر. القيمة الاجتماعية للمصارف تتضح معالمها من خلال توسيع اهتماماتها بكل مناحي التنمية الشاملة بما فيها المنحى الاجتماعي للمساهمة بشكل منظور في عملية التنمية المستدامة، فما ركزت عليه صاحبة السمو بمطالبتها تخصيص جزء من أرباح تلك المصارف لخدمة المجتمع هو عين الصواب، وقد أصابت بهذه المطالبة كبد الحقيقة، فتلك المصارف مسؤولة مسؤولية مباشرة بدفع عملية التنمية الشاملة في الوطن إلى الأمام. الحكومات وحدها في سائر دول العالم لن تتمكن من تحقيق النسب العالية من التنمية المستدامة ما لم تساهم المصارف فيها بجزء من الأرباح لدفع مسارات تلك التنمية الى الأمام، وهذا ما نتوق اليه ونتعشمه من المصارف بالمملكة حتى يتم استكمال مشروعات تلك التنمية بطرائق سليمة وصحيحة للوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه من نهضة شاملة رسمتها القيادة الرشيدة لهذا الوطن المعطاء.