لا تزال المملكة العربية السعودية عنوانًا عريضًا وضخمًا يملأ الآفاق بكل معاني الأمان والسلام والعدالة والتعايش، ومنطلقًا لكل دلالات الدفء العربي الذي يحتضن متاعب الأمة العربية أيما احتضان، وقد شاء القدر أن تعقد القمة العربية على أراضي المملكة في أحد أكثر المراحل حساسية، وحمدا لله على ذلك؛ لأن الأمر يتطلب الحكمة السعودية التي طالما نجحت في التعامل مع أصعب القضايا والمواقف التي تطلبت الكياسة والفطنة والشجاعة والمروءة وقوفًا مع الحقوق العربية من المحيط إلى الخليج. تستضيف بلادنا القمة العربية التاسعة والعشرين في ظروف دقيقة، سياسية واقتصادية وأمنية، وهي القمة الرابعة التي تعقد في المملكة، بعد قمتي الرياض، في عامي 1976م و2007م، إضافة إلى القمة الاقتصادية عام 2013م في الرياض أيضا، وذلك يشير إلى أن المملكة معنية بكل التفاصيل العربية باعتبارها البيت العربي الكبير الذي يجمع ولا يفرق، ويتحمل ويصبر صبر الأخ الكبير الحامي لحمى العرب من كل دخيل أو متطفل على قضايانا، وذلك ما ظل واضحًا في كثير من القضايا. هذه القمة التاريخية في رحاب بلادنا لها ما بعدها من خلال ما تبحثه وتتناوله وتخرج به بما يتفق مع متطلبات الواقع العربي، فالقضية الفلسطينية في مقدمة الاهتمامات، ولطالما أكدت المملكة أن الموقف العربي منها ثابت من خلال مبادرة السلام العربية التي قدمتها المملكة وطرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله» وهي الطريق إلى السلام العادل الذي أجمع عليه جميع العرب. ملفات الإرهاب وسخونة ملفات اليمن التي يعصف بأمنها الحوثيون الإرهابيون الذين يقودون حربًا بالوكالة عن النظام الإيراني، وملف سوريا التي تعبث بها الأيادي الإيرانية كذلك، إضافة إلى ملف إيران نفسها والطامحة إلى التوسع في الدول العربية، يجعل القمة رسالة عربية حاسمة ضد هذا العبث الإيراني بأمن المنطقة، فهي رأس الرمح في الإرهاب الإقليمي والدولي الذي تجاوز كل مكان حتى طال الأرجنتين في أقصى أمريكا الجنوبية، كما أنها مصدر الطائفية البغيضة التي تسعى إليها في أكثر من بلد عربي ويتبعها التطرف، كل ذلك يجعل القمة ذات أهمية قصوى في حسم الملف الإيراني ومعه يتم حسم كثير من البؤر الإرهابية والطائفية المتطرفة، والمملكة قادرة على ذلك سواء من خلال التحالف العربي أو الإسلامي أو الدولي، فهذه الدولة الصفوية أقل من أن تواجه المملكة، ومخرجات القمة كفيلة بأن تؤكد أن انعقادها في بلادنا رسالة لإنهاء عبث إيران وحلفائها بأمن الشعوب العربية.