الأرقام التي تعلنها وزارة العدل عن معدلات الطلاق مفزعة وموجعة. فحسب تلك الإحصاءات، فإن المعدل اليومي للطلاق في المملكة يتراوح بين 193 – 314 حالة طلاق، والمعدل الشهري كحد أدنى 2987 و6243 حالة طلاق كحد أعلى. أما الصكوك التي صدرت فعلًا في شهر جمادى الأولى فقد وصلت إلى 4858، وفي جمادى الآخرة 5158. هذه ليست أرقامًا يمكننا تجاوزها كأي أرقام أخرى، بل هي حالات إنسانية تهز كيان الأسر، وتفكك المجتمع، وتؤثر على حياة آلاف الأطفال الأبرياء، الذين يدفعون ثمن أخطاء وتهور الآباء والأمهات. فالأسرة هي أساس المجتمع، ومتى ما انهارت إنهار معها ذلك المجتمع. لقد شرع الله «عز وجل» الزواج، ودعا الأزواج للمودة والرحمة، وهما الأساس في الاستقرار والأمان وهدوء النفس وراحة البال. لكنه سبحانه وتعالى، يعلم أن هذه الشراكة قد لا تستمر، وقد يكون ضرر الاستمرار أكبر من فائدته، فشرع الطلاق وإن كان مكروهًا. يقول سبحانه في محكم كتابه من سورة البقرة «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، ليمنح الزوجين فرصة أولى وثانية، لمراجعة الذات حرصًا على كيان الأسرة. وحتى في حالة الشقاق والخلاف، فإن الله حث على الإصلاح بين الزوجين، فقال في سورة النساء «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرًا». اعرف أنني أطرق بابًا شديد الحساسية، وأنبش قضايا تجرح البعض وتبكيهم. ففي الوقت الذي تتناولون فيه كوبًا من القهوة، وتتصفحون فيه هذه الصحيفة أو غيرها، تسجل المحاكم عشرات الحالات من الطلاق، ينتج عنها انهيار في الأسر، وتشريد لأطفال لا ذنب لهم. غدًا أكمل الحديث عن مآسي هذه الظاهرة، وأتطرق للأسباب التي تؤدي للطلاق سواء في المملكة أو الخليج العربي.. ولكم تحياتي.