من ضمن ممارسات الموارد البشرية المتعارف عليها «ممارسة توصيات التوظيف»، ومن خلال تلك الممارسة تكون هناك توصيات لترشيح كوادر مميزة مما ينتج عن ذلك توفيرا للوقت والتكاليف على أصحاب الأعمال، ولذلك نجد في بعض المنشآت التي تطبق ممارسات الموارد البشرية بشكل كامل أنه يتم طلب «توصيات» أو «مراجع» للمتقدمين قبل البدء في إجراءات التعيين، وأثبتت العديد من الدراسات أهمية وجود هذه الممارسة في توظيف واستقطاب المميزين والأكثر جدارة. كتبت سابقا عن أهمية وجود برنامج وطني لتنمية مهارات الثروة البشرية السعودية وخصوصا قبل الانتقال لسوق العمل، فمن المعروف أن لكل وظيفة نوعين من المهارات المطلوبة لشغلها، فهناك مهارات ناعمة «Soft Skills» وَ مهارات صلبة «Hard Skills»، ولتوضيح ذلك نجد أن المهارات الناعمة هي المهارات والقدرات التي يمتلكها الفرد وتساهم في تطوير ونجاح المنشأة التي سيعمل لها خاصة المنشآت التي تتعامل مع الجمهور مباشرة مثل مهارات «التواصل، التنظيم، إدارة الأزمات والتفاوض»، أما المهارات الصلبة فهي التي تتسم بثبات قواعدها وبنيتها الأساسية وتتمثل في الخبرة والمؤهلات، وحتى ننجح في تطبيق مثل هذا البرنامج نحتاج للعمل على مسارين مستقلين لكل منهما. في السابق شهدنا ثلاثة مواسم لجائزة الإصرار والتي تعد إحدى المبادرات الرائعة من صندوق الموارد البشرية لدعم الشباب والشابات وتمكينهم من تحقيق الإنجازات والتفوق في سوق العمل السعودي، وتشرفت بأن أكون من ضمن لجان تحكيم الجائزة «فرع الموظفين» لسنتين متتاليتين، وشاهدت من خلالها قصصا ونماذج نفتخر بوجودها وأعتبرها قدوة للشباب السعودي، وكانت للجائزة فضل بعد الله في فتح أبواب كثيرة للمشاركين والمنتقلين للمراحل المتقدمة منها، وشهدوا تنافساً من أصحاب الأعمال لاستقطابهم، ولكن للأسف تم قتل هذه المبادرة بدون أي أسباب أو توضيح بالرغم من إيجابياتها وآثارها في تمكين الشباب السعودي من الجنسين. ما أتمناه هو أن تقوم وزارة العمل بمبادرة يتم من خلالها تحديد قائمة بأفضل السعوديين في تخصصاتهم بشكل سنوي، وتنقسم تلك المبادرة حسب التخصصات التي يحتاجها السوق، فعلى سبيل المثال تشمل المبادرة قائمة بالمحترفين السعوديين في الموارد البشرية، وقائمة للمحترفين السعوديين في المحاسبة، وقائمة للمحترفين السعوديين في التسويق بالإضافة للتخصصات الأخرى التي يحتاجها سوق العمل، فمن خلال ذلك سيتم تسليط الضوء بعدة وسائل منها الإعلامية على إبداعات سعودية افتقدت للدعم بالرغم من تميزها، وسنخلق روحا للمنافسة الشريفة بين المميزين في تخصصاتهم مما سيؤدي ذلك لتسابق أصحاب الأعمال على توظيفهم باعتبارهم محترفين و قادة في تخصصاتهم. صناعة القيادات تعتبر من أهم الصناعات خلال الفترة القادمة، والتي ينبغي أن تكون صناعة مستمرة ومتواصلة في المملكة، فالإمكانيات بالثروة البشرية التي نمتلكها كبيرة ولله الحمد، والكفاءات المحلية بانتظار الإشارة فقط، ووجهة نظري أننا بحاجة ليكون لدينا (تجمع) أو(منصة) للكوادر المحلية المميزة في مختلف التخصصات للرجوع إليها عند الحاجة، ويتم تطويرها ببرامج قيادية مكثفة، ومن خلال تلك المبادرة ستتسهل عملية إنشاء تلك المنصة والتي ستجمع الكفاءات السعودية في مختلف التخصصات ويتمكن من خلالها أصحاب الأعمال من مراجعة توصيات لجان التحكيم للمرشحين. مثل هذه المبادرة تحتاج للتنسيق بين وكالة توظيف السعوديين وصندوق الموارد البشرية، ومسألة الدعم «بتوصيات التوظيف» ستساهم في تحول كبير - بإذن الله - في توظيف السعوديين المميزين في تخصصاتهم، وستساهم في دعم توظيف الكوادر السعودية المميزة في عدة مستويات وظيفية بشكل أسرع. كوجهة نظر شخصية ومن تجارب ومبادرات تم تطبيقها خلال السنوات السابقة، أقترح بأن يتم إشراك مؤسسة «مسك» الخيرية في هذه المبادرة، فللأمانة ما نراه من مبادرات سابقة للمؤسسة أثبت احترافيتها في التخطيط والارتقاء بالثروة البشرية السعودية حتى وصلت لمصاف المنافسة العالمية.