تمثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030 رؤية مستقبلية شاملة، تعكس تطلعات القيادة -حفظها الله- لبناء مستقبل مشرق لهذا الوطن، وتنعكس بشكل مباشر على المواطن السعودي -هدف التنمية الأول- من خلال إعداده وتطوير مهاراته لمواءمة احتياجات سوق العمل المستقبلية. حيث تسعى الدول المتقدمة لتطوير برامج وسياسات التعليم وفق متطلبات سوق العمل المتجددة. وفي السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بمصطلح جديد أصبح يتردد كثيراً في شتى القطاعات يُعرف ب "المهارات الناعمة" Soft Skills، فماذا يعني هذا المصطلح؟ وما هي المهارات المقصودة ومدى أهميتها لمجتمعنا؟ يُشير مصطلح المهارات الناعمة إلى تلك المهارات الأساسية التي ترتبط بقدرات التواصل الإنسانية وإدارة العلاقات والتعامل مع الآخرين، ومهارات عرض الأفكار والإقناع والعمل الجماعي وروح المبادرة والقيادة التي تضمن نجاح الفرد في إدارة الموقف والتأثير في الآخر. فالمكونات الأساسية للكفاءات في المجتمع الوظيفي تتضمن توفر ثلاثة أركان رئيسة: المهارات الصلبة، المعرفة، والمهارات الناعمة، وتكامل هذه الأركان بشخصيات العاملين يلعب دوراً مهماً في النجاح المؤسسي وزيادة الطاقة الإنتاجية. وتمثل المهارات الصلبة، Hard Skills، المهارات التخصصية والتقنية اللازمة لتنفيذ الدور الوظيفي، أما المعرفة Knowledge فهي ترتبط بالمستوى الأكاديمي والخبرات العلمية بالتخصص. بينما المهارات الناعمة ترتبط بالمهارات الشخصية التي تؤثر بشكل مباشر في نجاح الفرد في عمله. وتتضمن المهارات الناعمة اللازمة لسوق العمل في وقتنا الحاضر لغة الجسد ومهارات التواصل، مهارات التنظيم والتخطيط، إدارة الوقت واتخاذ القرارات المناسبة، ومهارات التفكير الناقد، والعمل ضمن فريق، ومهارات التأثير والإقناع. وهي تشكل مهارات ضرورية من عوامل النجاح والتميز، وأصبحت من معايير التقويم والتوظيف في المؤسسات. ورغم وجود بعض الاهتمام بتطوير مثل هذه المهارات في برامج الجامعات والدورات التدريبية، إلا أن أهميتها تفرض علينا البدء في إعداد الفرد من مراحل التعليم العام، ودمج هذه المهارات ضمن المقررات الدراسية، والنشاطات اللا منهجية، وتطوير الأنظمة والقيادات الإدارية بحيث تتسم القيادات بالمؤسسات التعليمية خاصة بالمرونة والقابلية للتطوير وروح المبادرة لصقل شخصيات طلابنا منذ البداية، للارتقاء بجودة التعليم ومخرجاته بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل والنجاح في المجتمع الإنساني. ويجدر بنا أن نذكر هنا ما أشار إليه تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بتاريخ 14 يناير 2015 إلى أن المهارات الناعمة Soft Skills قد حسّنت الإنتاجية وخفضت تكاليف التشغيل في بريطانيا بمقدار 88 مليار جنيه إسترليني (أكثر من 130 مليار دولار) سنوياً على الأقل. لذلك لا بد أن يدرك الجميع أن النجاح لم يعد يتوقف على المستوى العلمي والخبرات العملية فقط، بل تشكل المهارات الشخصية والتواصلية جانباً مهماً يتميز من خلالها البعض، بينما يخفق الآخر لفقدانه لمثل هذه المهارات الحيوية.