في في الأربع السنوات السابقة وعلى مدار أربعة أيام متواصلة في معرض «وظائف 2017» بالمنطقة الشرقية والذي تنظمه غرفة الشرقية سنويا، وبالتزامن مع رحلة الانطلاق لإبداعات مستدامة من خلال الإعلان عن تحولات اقتصادية كبيرة تشهدها المملكة وجعلت دول العالم تتحدث عنها، أكتب هذا المقال من وجهة نظر مختلفة نوعا ما عما تشهده الانتقادات التي تطال معارض التوظيف في المملكة، والسبب الرئيسي لذلك من وجهة نظري الشخصية أننا في مرحلة عملية جادة لا مجال فيها للمجاملات وكثرة التذمر والتشاؤم بدون المساهمة في الحلول كأقل واجب وطني نقدمه، بل تفاؤلي يزداد يوما بعد يوم مع كل مرحلة من مراحل التغيير والتي يكون لثروتنا البشرية من الشباب والشابات نصيب في أهدافها. نحن أمام تحدٍ كبير خلال الفترة القادمة بسبب تزايد أعداد الخريجين والخريجات، وعندما نتحدث عن تحدٍ فلا يعني ذلك أننا نقصد تعجيزا أو استحالة، فالأيام الماضية أثبتت أننا في مرحلة لا يوجد فيها ما يسمى بالاستحالات، وعنوانها الرئيسي «قادرون بإذن الله على التميز»، ولذلك فلنترك الانتقادات الهدامة خلفنا ونعمل على الحلول بما أننا نملك ما لا يملكه غيرنا من «فكر» و «عزيمة» تجعلنا مثالا نموذجيا يحتذى به عالميا في مختلف المجالات. قبل خمس سنوات كتبت مقالا انتقدت فيه معارض التوظيف، وبحثت كثيرا عن الأسباب التي جعلت معارض التوظيف يُنظر لها نظرة سلبية بشكل مكرر، وقمت بزيارة عدة معارض وملتقيات حتى أجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمبادرات لتغيير هذه النظرة حتى تصل تلك المعارض للفائدة المرجوة منها لجميع الأطراف خاصة للباحثين عن العمل من ثرواتنا البشرية، وبحكم تخصصي في الموارد البشرية فأنا مقتنع بأن الواقع كفيل بأن يستبدل آرائي إلى آراء مغايرة، ولا قدسية للآراء لأنها كائن متغير بتغير «الزمان والمرحلة» خاصة إذا كان الشخص متخصصا في مجال معين وله أثر بشكل أو آخر، والآراء ما هي إلا اجتهادات يتوصل لها الإنسان حسب عوامل من أهمها نظرة «التفاؤل للمستقبل». بعد زيارتي للمعرض الأخير بالإضافة لخلاصة حضوري للمعارض السابقة تأكدت أننا مازلنا نملك ما يؤهلنا لأن نبدع ونستغل تلك المعارض بشكل مميز حتى تشمل فائدتها الجميع، فالعبرة ليست بأعداد الحضور أو الرعاة وأعداد المشاركين بالمعارض، ولكن الأهم من ذلك هو الاستفادة منها حتى تشمل الباحثين عن العمل والطلاب من هم على وشك التخرج والانتقال لسوق العمل، فمثل هذه الملتقيات من المهم أن تشتمل على ورش عمل متخصصة على مدار اليوم خاصة للطلاب قبل تخرجهم وانتقالهم لمرحلة التوظيف، ومن المهم تواجد شركات متخصصة تقدم حلولا تساهم في تطوير الباحثين عن العمل وتهيئتهم قبل التقديم على أصحاب العمل، وإضافة لذلك من المهم أن تكون هناك مشاركة لمتخصصين في تقييم المهارات «Soft Skills» للمتقدمين حتى يتم إبراز ما يملكونه من مهارات وكفاءات، وهناك العديد من المبادرات التي لا يمكن أن أتحدث عنها في مقال منفرد. في الفترة المقبلة ومن جانب تنظيمي، أرى أن يكون هناك أخذ لموافقة مسبقة من وزارة العمل عن «الفعاليات والمبادرات المرافقة» لأي معرض للتوظيف، وأن يتم اشتراط مبادرات رئيسية تخدم جميع الأطراف المشاركة بالمعارض مع تقديم التوصيات والاستشارات فيما يتعلق بذلك بدون مقابل، بالإضافة لدعم القائمين على تلك المعارض ماديا من صندوق الموارد البشرية وفقاً لتميزها وتميز مبادراتها كما هو متبع من هيئة الترفيه في الفترة الحالية، وتقديم الحوافز للمنشآت المشاركة وفقاً لاهتمامها بتطوير موظفيها وسعيها لإحلال الثروة البشرية السعودية، وأتمنى أن تكون هناك منصة تشاركية إلكترونية لمناقشة مقترحات تلك المعارض من خلال متخصصي الموارد البشرية السعوديين بما أنهم أكثر معرفة بسوقهم من غيرهم، وخلاصة ذلك نحن بحاجة إلى «برنامج وطني لتطوير معارض التوظيف بالمملكة». ختاما: خلافك الشخصي مع جهة حاولت معهم أن يستضيفوك في لقاءات وأنت غير مؤهل لذلك، لا يعني أن تنتقد جهودهم وعملهم بالكذب والتضليل أمام وسائل الإعلام، فالتشاؤم المفرط لن نسمح بأن يكون بيننا في مرحلة تحتاج لكفاءات حقيقية وليست صورية.