منذ بداية العلاقات الأمريكية السعودية التي تؤرخ باللقاء التاريخي الذي جمع مؤسس الكيان السعودي الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - والرئيس الأمريكي وقتذاك فرانكلين روزفلت والبلدان الصديقان في مختلف العهود يسعيان لتنميتها في كل ميادين ومجالات التعاون لما فيه تحقيق المصالح المشتركة بين الشعبين، وقد تزايد الاهتمام بتطوير تلك العلاقات منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. وزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع المرتقبة للولايات المتحدة تؤكد على استمرارية تلك العلاقات وتجذيرها والوصول بها الى حقبة جديدة، لاسيما في ضوء التوقيع على اتفاقيات شراكات عديدة بين البلدين الصديقين في مجالات تعاون مختلفة على رأسها المجالان الاقتصادي والصناعي تحديدا لتتواءم مع تطلعات الرؤية المستقبلية للمملكة 2030. ولا شك أن هذه الزيارة تجيء في ظروف متزامنة مع أحداث وقضايا بالغة الدقة سوف يسعى البلدان لمناقشتها وحلحلتها بما يعود بمنافع جمة على دول المنطقة ويرسخ أبعاد أمنها واستقرارها، كما أن المملكة والولايات المتحدة من خلال الزيارة سيطرحان سلسلة من الخطوات التي من شأنها التأكيد على المصالح المشتركة بين البلدين الصديقين في قنوات تعاونية جديدة. الملفات الشائكة لدول المنطقة وعلى رأسها التدخل الايراني السافر في شؤون بعضها والأزمات الدائرة فيها كالأزمة السورية واليمنية ومكافحة الارهاب وغيرها من الأزمات ستكون على رأس المباحثات الهامة التي سوف يجريها سمو ولي العهد مع القيادة الأمريكية، فاستمرار تلك الأزمات يضع دول المنطقة على صفيح ساخن، كما أن دور ايران التخريبي في المنطقة يقتضي بالضرورة ايقافه والعمل على نزع أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام الايراني حفاظا على أمن واستقرار المنطقة والعالم. وتوقيت الزيارة هو إضافة واضحة، يجيء في ضوء ما اتخذته المملكة من اصلاحات داخلية واسعة على مختلف المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما أنه يجيء في ظل ما تعيشه المنطقة من أزمات طاحنة لا بد من تسويتها كمواجهة التطرف الايراني وبحث الملف اليمني وتهديد ظاهرة الارهاب لاستقرار وأمن كافة المجتمعات البشرية دون استثناء. وهذا يعني فيما يعنيه أن زيارة سمو ولي العهد سوف تؤسس لعلاقات نوعية جديدة بين المملكة والولايات المتحدة من جانب وسوف تؤسس لخطوات حثيثة يمكن عن طريقها الوصول الى حلول عقلانية ومنطقية لأزمات دول المنطقة من جانب آخر وهي أزمات ما زالت تحول دون استتباب الأمن والاستقرار في ربوعها، وما زالت تقف حجرعثرة أمام الرغبة الملحة لنهضة شعوبها وتقدمها.